أصابهم ما أصابهم بِأُحُد، قال ناسٌ مِن أصحابه: مِنْ أين أصابَنَا هذا، وقد وَعَدَنا اللهُ النصرَ؟ [فأنزل اللهُ](١): {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ}؟.
وقال بعضهم: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، رَأَى في المنام أنَّه (٢) يذبح كَبْشًا، فصدَق رُؤياهُ بقتل (٣) طَلْحَةَ بن عثمان (٤)، صاحبِ لِوَاءِ المشركين، يوم أُحُد، وقَتْلِ تِسْعَة نَفَرٍ بعده على اللواء (٥)، فذلك قوله:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ}؛ يريد: تصديق رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والصِّدق يتعدى إلى مفعولين؛ تقول: صَدَقْتُهُ الوَعْدَ، والوَعِيدَ (٦).
(١) ما بين المعقوفين مطموس في (أ)، والمثبت من: (ب)، (ج)، و"تفسير الثعلبي". (٢) (أ)، (ب)، (ج): (أن). وما أثبَتُه هو ما استصوبته. (٣) في (ب): (فقتل). (٤) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ١٢٥ - ١٢٦. وعند الواقدي: هو طلحة بن أبي طلحة، وأبو طلحة هو: عبد الله بن عبد العُزَّى بن عثمان بن عبد الدار بن قُصَي. انظر: "المغازي" ١/ ٢٢٠. والذي ورد في كتب السِّيَر عن رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه رأى في منامه كأنه في دِرْعٍ حَصِينة، ورأى كأن سيفه ذا الفقار انفصم من عند ظُبَتِه، ورأى بقرا تُذبح، ورأى كأنه مردفٌ كَبْشًا. فأولَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الدرعَ الحصينة بالمدينة، وأما انفصام سيفه من عند ظُبَته: فمصيبة في نفسه؛ بأن يُقتل رجلٌ من أهل بيته، وأما البقر المذبوح: فقتلى في أصحابه، وأما أنه مُرْدف كَبشا: فكبش كتيبة العدو الذي سيقتلونه، أي: حامل لواء المشركين. وفي رواية عن الواقدي: (ورأيت في سيفي فَلًّا فكرهته)، فهو الذي أصاب وجهه الشريف - صلى الله عليه وسلم -. انظر: "المغازي" ١/ ٢٠٩، و"سيرة ابن هشام" ٣/ ٦٦ - ٦٧، و"طبقات ابن سعد" ٢/ ٣٧ - ٣٨، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٥٠٢، و"إمتاع الأسماع" للمقريزي ١/ ١١٦. (٥) انظر: "المغازي" ١/ ٢٢٦ - ٢٢٨، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٤٠ - ٤١، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٧٨٧. (٦) وقد يتعدى للثاني بالحرف، تقول: (صَدَقتك في القول).