والثاني: أن المراد بالاختلاف ههنا: اختلاف (١) أهل الكتاب في الإيمان (٢) بمحمد صلى الله عليه وسلم (٣): فبعضهم آمَنَ، وبعضهم كفر.
والثالث: أنَّ الاختلاف ههنا: اختلاف اليهود والنصارى، و (٤) كتابهم جميعًا (٥) التوراة، وهم يختلفون، كل فرقة (٦) منهم ليست على شريعة الأخرى.
فإن قيل (٧): إذا (٨) كان الاختلاف في الدِّين مذمومًا منهيًا عنه، فَلِمَ اختلفت هذه الأُمَّةُ في المذاهب والدِّيانات؟.
قلنا: ذاك اختلافٌ في المُجْتَهَدَاتِ، وجميع ذلك مدلولٌ على صحته، فيصير كاختلاف الأحكام المنصوص عليها، مثل: حُكْم المقيم والمسافر، في الصلاة والصيام، ونحو ذلك من الأحكام، في أنَّ كلًّا منها مأذون فيه بالشرع.
وقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} ولم يقل (جاءت)؛ لجوازِ حذفِ علامَةِ التأنيث من الفعل في التقديم؛ تشبيهًا بعلامة التثنية والجمع (٩).
(١) في (ب): (اختلفوا). (٢) في الإيمان: ساقطة من: (ج). (٣) في (ج): (عليه السلام). (٤) في (ب): (في). (٥) جميعًا: ساقطة من: (ب). (٦) في (ب): (حرفة). (٧) فإن قيل: ساقطة من: (ب). (٨) في (ب): (إذا). (٩) وقال العكبري: (إنما حذف التاء؛ لأن تأنيث البيِّنةِ غير حقيقي، ولأنها بمعنى الدليل). "التبيان" ص ٢٠٣.