والهاء في قوله:{تَبْغُونَهَا} عائدةٌ على السبيل؛ لأن السبيلَ يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ (١). و (العِوَجُ)، يعنى به: الزَيْغ والتحريف (٢)؛ أي: تَلتمسون لسبيله الزيغ والتحريف بالشبه التي تُلَبِّسون بها، وتُوهِمون أنها تقدح فيها، وأنها مُعوَجَّة بتناقضها (٣).
ويجوز أن يكون {عِوَجًا} في موضع الحال؛ والمعنى: تبغونها ضالِّين؛ وذلك (٤) أنهم كانوا يَدَّعون أنهم على دين اللهِ وسبيلِه، فقال الله: إنكم تبغون سبيلَ اللهِ ضالِّين عنها. وهذا قول أبي إسحاق (٥)، ذكر ذلك في سورة إبراهيم، عند قوله:{وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}(٦). وعلى هذا القول، لا يحتاج إلى إضمار اللّام في {تَبْغُونَهَا}.
(١) انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٣١٩، "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢، "الزاهر" لابن الأنباري: ٢/ ١٠٨، "المذكر والمؤنث" له: ١/ ٣٩٤. (٢) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢. (٣) فإعراب {عِوَجًا} على هذا القول: مفعول به. انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٤٧، "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢. (٤) في (ب): (والمعنى). (٥) في "معاني القرآن" له: ٣/ ١٥٤. (٦) [سورة إبراهيم: ٣]. {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}. وفي حالة إعرابها حالًا يكون معنى (تبغون): تتَعدَّوْن. و (البغي): التعدي. انظر: "الدر المصون" ٣/ ٣٢٦، "اللسان" ١/ ٣٢٣.