ورُوِيَ عن ابن عباس، ومجاهد، والسدِّي، أنهم قالوا (١): [البِرُّ؛ المرادُ به ههنا: الجنة. وقال بعض أهل المعاني (٢): معنى الآية: لَنْ تَنالوا] (٣) البِرَّ من الله عز وجل بالثواب في الجنة.
وقوله تعالى:{حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قال ابن عباس في رواية الضحاك (٤): أراد بهذه الآية: الزكاةَ؛ يعني: حتى تُخرجوا زكاةَ أموالكم.
وقال الحسن (٥): كل شيء أنفقهُ المُسْلِمُ مِن مالِهِ؛ يبتغي به وجْهَ الله عز وجل، فإنّه من الذي عَنَى الله سبحانه بقوله:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، حتى التَّمْرَةَ.
وقال مجاهد، والكلبي (٦): هذه الآية منسوخة، نسختها آيةُ الزَّكاةِ (٧).
(١) قول ابن عباس، ومجاهد، في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٧١ أ، "تفسير البغوي" ٣/ ٦٦، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٣٣. وقول السدي، في "تفسير الطبري" ٣/ ٣٤٧، "ابن أبي حاتم" ٣/ ٧٠٣، "الثعلبي" ٣/ ٧١أ، "البغوي" ٣/ ٦٦، "القرطبي" ٤/ ١٣٣. (٢) لم أقف عليهم. (٣) ما بين المعقوفين زيادة من (ج). (٤) هذه الرواية عنه، في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٧١ أ، "تفسير البغوي" ٣/ ٦٦، "زاد المسير" ١/ ٤٢١. (٥) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٧١ أ، "تفسير البغوي" ٢/ ٦٦. (٦) انظر المصادر السابقة. (٧) آية الزكاة، هي: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [آية: ٦٠ من سورة التوبة]. قال الفخر الرازي -رادًّا على من قال إن هذه الآية منسوخة-: (وهذا في غاية البعدة لأن إيجاب الزكاة؛ كيف ينافي الترغيب في بذل المحبوب لوجه الله سبحانه وتعالى؟). "تفسيره" ٨/ ١٤٨.