قالوا: أو، والواو ههنا للعطف على معنى الكلام الأول (١)، لأن معناه:(وجئْتُكم لأُصَدِّقَ ما بين يديَّ من التوراة، ولأُحِلَّ لكم). ومثله من الكلام:(جئتُ مُعتذِرًا إليه، لأجتَلِبَ رِضاه)؛ أي: لأعتذر، ولأجتلب (٢).
وقال ابن الأنباري (٣): الَّلام في قوله: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ}(٤) صِلَةٌ لفعلِ مضمرٍ؛ كأنه قال:(ولأحلَّ لكم جئتكم)، وكذلك قوله:{وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}، تقديره: ولِيكون من الموقنين نُرِيهِ (٥) ذلكَ (٦).
= والاعتياد في مثلها). "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٤٦. فمثلًا قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} قال البصريون: إن الواو فيها عاطفة، وجواب (إذا) محذوف، والتقدير فيه: حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها، فازوا ونَعِموا. وهكذا ردُّوا على بقية الأدلة. انظر هذه المسألة، إضافة إلى المراجع التي ذكرت في "معاني القرآن" للأخفش: ١/ ١٢٤ - ١٢٥، "تأويل مشكل القرآن" ٢٥٢٢٥٤، "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري: ٥٥، "الإنصاف" للأنباري ص ٣٦٦، "شرح المفصل" ٨/ ٩٣، "رصف المباني" ٤٨٧، و"الجني الداني" ١٦٤، "المغني" ٤٧٣، "الحروف" لأبي الحسين المزني ١١٠. (١) أي: للعطف على معنى {مُصَدِّقًا}. (٢) في (ج): لاجتلب (بدون واو). (٣) لم أقف على مصدر قوله. (٤) (لكم): ساقطة من (د). (٥) في (ج): (بربه). (٦) وفي التوجيه الإعرابي لقوله {وَلِأُحِلَّ} أقوال أخرى، هي: إنها مردودة على قوله: {بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} من آية ٤٩؛ أي: جئتكم بآية من ربكم، ولأحل لكم. أو معطوفة على عِلَّةٍ مقدَّرةٍ؛ أي: جئتكم بآية لأوسِّعَ عليكم ولأحل لكم، أو نحوها. أو إنها متعلقة بقوله: {وَأَطِيعُونِ} في آخر آية ٥٠؛ أي. اتَّبِعوني لأحلَّ لكم. وقد استبعد هذا الوجهَ السمينُ الحلبيُّ وجعله ممتنعًا. أو إنها معمولة لفعل مضمر بعد الواو؛ أي: وجئتكم لأحل .. انظر هذه الوجوه، في "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٣٥، "الكشاف" ١/ ٤٣١، "التبيان" للعكبري: ١/ ١٩١، "البحر المحيط" ٢/ ٢٦٨ - ٢٦٩، "الدر المصون" ٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣، "روح المعاني" ٣/ ١٧١.