ووجه قول الزجَّاج: أنَّه انتصب على المصدر؛ كأنه لمَّا قيل:{وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} دلَّ (١) على: (وما بغى (٢) الذين أوتوا الكتاب). فحُمِلَت {بَغْيًا} عليه (٣). فإن قيل: ما الفصل (٤) بين ما ينتصب على المصدرة نحو: {صُنْعَ الله}(٥)، وما ينتصب على أنَّه مفعول له؛ نحو:(ادِّخاره)، وبابه؟
فالقول: إنَّ الجميع وإن كانا يجتمعان في أنهما ينتصبان عن تمام الكلام؛ فالمفعول له؛ معناه: الإخبارُ بالغرض الذي من أجله فُعِل الفعلُ، والسبب له. والعامل فيه؛ هو هذا الفعل (٦) الظاهر.
وأما (٧) المصدر: فالنحويون يُسَّمونه مفعولًا مطلقًا؛ لأن الفاعل
(١) (دل): ساقطة من: (ج). (٢) في (أ)، (ج): (بغا). والمثبت من: (ب)، (د). (٣) أي أنَّ (بغيًا) مصدر مؤكِّد (مفعول مطلق)، ويكون التقدير: (وما بغى الذين أوتوا الكتاب ... بغيًا). والمعنى بناء على رأي الأخفش: أن الاختلاف بينهم حاصل قبل مجيء العلم وبعده، ولكن سببه بعد مجيء العلم هو البغي، فهو المفعول لأجله. والمعنى على رأي الزجاج: أن الخلاف بينهم حصل بعد مجيء العلم فقط وسببه البغي. هذا والله أعلم. (٤) في (ب): (الفعل). (٥) وقد انتصبت (صُنْعَ) بفعلٍ مضمرٍ دلَّ عليه ما قبله؛ لأن معنى الجملة: (صَنَعَ اللهُ ذلك صُنْعًا)، أو (صنع صنعًا، الله). ثم أضاف المصدر إلى الفاعل. ويجوز نصبها على الإغراء؛ أي: (انظروا صنع اللهِ). ولكن ليس هذا الوجه محل الشاهد. انظر: "إعراب القرآن" المنسوب للزجاج: ٢/ ٧٦٨، "إعراب القرآن" للنحاس: ٢/ ٥٣٦، "البيان" للأنباري: ٢/ ٢٢٨. (٦) في (د): (السبب). (٧) في (د): (فأما).