رجال كثيرٍ، كلُّ رجلٍ منهم بطنُهُ مثلُ البيتِ الضَّخْم، يقومُ أحدُهم فيميل به بطنه فيصرع (١)، قال: قلت: "يا جبريل من هؤلاء؟ " قال: الذين يأكلون الربا، لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المس (٢).
وقوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} أي: ذلك الذي نزل بهم بقولهم هذا، واستحلالهم إياه، وذلك لأن المشركين قالوا: الزيادة على رأس المال بعد محل الدين كالزيادة بالربح في أول البيع. وكان أحدهم إذا حلَّ له مال على إنسان قال لغريمه: زدني في المال حتى أزيدك في الأجل. فكذبهم الله سبحانه فقال:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}(٣).
قال أصحابنا: هذه الآية مجملة، والمجمل: ما لا يعرف المراد من ظاهره إلا بقرينة تقترن به، كقوله:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: ١٤١] أوجبَ الإِيتَاءَ، وليس يعرف من هذه الآية أن الحق الذي يجب إيتاؤه كم هو، وإنما يعرف ذلك بدليل آخر، كذلك قوله:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} اقتضى أن يكون كلّ بيع حلالًا. وقوله تعالى:{وَحَرَّمَ الرِّبَا} اقتضى أن
(١) في (م): (فيهرع). (٢) يريد حديث أبي سعيد الخدري رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٢٥/ ٣٦٥، ومن طريقه رواه الطبري في "تفسيره" ١٥/ ١١ والبيهقي في "دلائل النبوة" ٢/ ٣٩٠، والأصبهاني في "الترغيب والترهيب" ٢/ ١٨٥، والثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٧١١، وفي إسناده أبو هارون العبدي متروك، وفي الباب: حديث أبي هريرة، رواه ابن ماجه (٢٢٧٣) كتاب: التجارات، باب: التغليظ في الربا، والإمام أحمد ٢/ ٣٥٣، وضعَّف إسناده ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٣٥٠، وقال البوصيري في "مصباح الزجاج" ٢/ ٢٣: هذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد. (٣) ينظر: "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٥، "تفسير الطبري" ٣/ ١٠٣، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٤٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٧١٤.