الوجه الثالث من القراءة:(نَعِمّا هي) بفتح النون وكسر العين، ومن قرأ بهذه القراءة فقد جاء بالكلمة على أصلها، وهو نَعِمَ كما قال طرفة:
نَعِمَ السَّاعُونَ في الأمْرِ المُبِرْ (٢)
ولا يجوز أن يكون ممن يقول: نَعْم قبل الإدغام، كما أن من قرأ:{نِعِمَّا} لا يكون ممنْ قال قبل الإدغام نِعْمَ، ولكن قارئ الوجه الثالث ممن يقول: نَعِم، فجاء بالكلمة على أصلها (٣).
فأما (ما) في قوله: {فَنِعِمَّا} قال أبو إسحاق: (ما) في تأويل الشيء، أي: نعم الشيء هي (٤)، فعلى هذا (ما) تكون في محل الرفع.
وقال أبو علي: الجيد في تمثيل هذا: أن يقال: (ما) في تأويل شيء؛
(١) من "الحجة" ٢/ ٣٩٨. (٢) البيت في ديوان طرفة ص ٥٨، وروايته: خالتي والنفس قُدما إنهم ... نعِم الساعون في القوم الشطُر وذكره أبو علي في "الحجة" ٢/ ٣٩٨، وكذا التبريزي في "شرح الحماسة" ٢/ ٨٥ برواية: ما أقلت قدماي إنهم ... نَعِم الساعون في الأمر المُبِر وعند سيبويه ٤/ ٤٤٠ برواية: ما أقلت قدم ناعلها ... نعم الساعون في الحي الشطر وقد استوفى الكلام على الشاهد: البغدادي في "خزانة الأدب" ٤/ ١٠١، والمُبِر: الغالب، من أبره يبره، إذا قهره بفعال أو غيره. ينظر: "اللسان" ١/ ٢٥٢، ٢٥٣ [برر]. (٣) من "الحجة" ٢/ ٣٩٨ - ٣٩٩. (٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥٤.