ما لَكَ لا تَذْكُرُ أُمَّ عَمْرِو ... إلّا لعَيْنَيْكَ غُرُوبٌ تَجْرِي (١)
وذهب المبرد في هذه الآية إلى غير ما ذهب إليه هؤلاء، وهو أنه قال: ما في هذه الآية جحدٌ لا استفهام، كأنه قيل: ما لنا ترك القتال، وعلى هذا سهل الأمر في دخول أن (٢).
وقوله تعالى:{وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا} ظاهرُ الكلام العموم وباطنه الخصوص؛ لأن الذين قالوا هذا لم يُخْرَجُوا من دِيَارِهم، ولكن إذا أُخْرِج بعضُهم جاز لكلهم أن يقولوا هذا، كما يقال: قتلناكم يوم ذي قار، وكما قال موسى بن جابر الحنفي (٣):
والذين قالوا هذا لم يكونوا بهذه الصفة، وعنوا بالإخراج من الديار: السبيَ والقهر (٥) على نواحيهم (٦).
وقوله تعالى:{وَأَبْنَائِنَا} أرادوا: أُفْرِدنا من أبنائنا بالتفريق بيننا
(١) في "النوادر" ص ٦٥، وينظر "الإغفال" ص ٥٣٩، و"المخصص" ١/ ١٢٧، و"اللسان" ٦/ ٣٢٢٨، و"التاج" ٢/ ٢٧٥، قال أبو زيد: الغروب: الدموع حين تخرج، وغربا العين: مقدمها ومؤخرها. (٢) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٢٥٦. (٣) هو: موسى بن جابر بن أرقم بن مسلمة أو سلمة بن عبيد الحنفي، شاعر مكثر من مخضرمي الجاهلية والإسلام، من أهل اليمامة، كان نصرانيًّا يقال له: أزيرق اليمامة، ويعرف بابن الفريعة. ينظر: "النجوم الزاهرة" ٢/ ٢٣١، "الأعلام" ٧/ ٣٢٠. (٤) البيت ذكر في "ديوان الحماسة" ١/ ١٤٠. (٥) في (ي): (القهر والسبي). (٦) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٣٤٢، "تفسير البغوي" ١/ ٢٩٧.