واختلف القرَّاء في رفع العفو ونصبه، فقرؤا بالوجهين جميعًا (١)، فمن نصب جعل (ماذا) اسمًا واحدًا، فيكون قوله:{مَاذَا يُنْفِقُونَ} بمنزلة ما ينفقون (٢)، و (ماذا) في موضع نصب، كما أن ما وأيًّا في قولك: ما ينفقون، وأيًّا ينفقون، كذلك (٣)، وجواب هذا العفو بالنصب، كما تقول في جواب: ما أنفقت؟ درهمًا، أي: أنفقت درهمًا.
ومن رفع العفو جعل ذا (٤) بعد (ما) بمنزلة الذي، ورد العفو عليه فرفع، كأنه قال: ما الذي ينفقون؟ فقال: العفو، أي: الذي ينفقون العفو، فيضمن (٥) المبتدأ الذي كان خبرًا في سؤال السائل، كما تقول في جواب ما الذي أنفقته؟ مال زيد، أي: الذي أنفقته مال زيد (٦).
قال أبو إسحاق: ويجوز أن تنصب {الْعَفْوَ} وإن كان (ما) وحدها اسمًا، تحمل (العفوَ) على ينفقون (٧)، كأنه قيل (٨): قل أنفقوا العفو،
= وأنها في الإنفاق المندوب إليه، وقال الطبري ٢/ ٣٦٨: فهو أدب من الله لجميع خلقه على ما أدبهم به في الصدقات غير المفروضات، ثابت الحكم غير ناسخ لحكم كان قبله بخلافه، ولا منسوخ بحكم حدث بعده. وينظر: "النسخ في القرآن" لمصطفى زيد ٢/ ٦٦٥. (١) قرأ أبو عمرو: {قل العفوُ} رفعا، والباقون نصبًا. (٢) قوله: بمنزلة ما ينفقون ساقطة من (أ) و (م). (٣) ساقطة من (ي). (٤) في (ي): (إذا). (٥) في (ش): (فيضمر) لحلها هي الصواب. (٦) من "الحجة" ٢/ ٣١٨ بتصرف. (٧) في (ي): (ما ينفقون). (٨) (قيل) ساقطة من (ش).