وهذا القول اختيار يمان (١) بن رِئَاب (٢)(٣) والمفضل (٤)، قالا: يقال للرجل إذا استسلم للهلاك ويئس من النجاة: ألقى بيديه (٥).
وقال الفضيل:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} بإساءة الظن بالله (٦)، فعلى هذا القول التهلكة: هو ترك التوبة، والقنوط من رحمة الله، أو إساءة الظن بالله عز وجل في الإخلاف عند الإنفاق (٧).
قال أبو علي الفارسي: الباء في قوله: (بأيديكم) زيادة، المعنى:(ولا تلقوا أيديكم) يدل على ذلك قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ}[النحل: ١٥]{وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}[الحجر: ١٩] و {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}[آل عمران: ١٥١]، وزيادتها ههنا كزيادتها في قوله:{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}[العلق: ١٤](٨).
(١) ذكره عنه الثعلبي ٢/ ٤٣٧. (٢) في (ش): (ريمان بن زيّات). وفي (م): (رباب). (٣) هو: اليمان بن رباب أو ابن رئاب البصري من رؤساء الخوارج، تقدمت ترجمته. (٤) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٤٣٧. وهذا القول مروي أيضًا عن محمد بن سيرين وعبيدة السلماني وأبي قلابة البصري. ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٠٣، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٣٣٢، "تفسير عبد الرزاق" ١/ ٣٣٢، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٤٣٦ - ٤٣٧. (٥) في (م): (بيده). (٦) رواه سفيان الثوري في "تفسيره" ٥٩، ورواه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" ص ١١٧، وذكره الثعلبي ٢/ ٤٤٣، وروى الطبري ٢/ ٢٠٥ عن عكرمة نحوه. (٧) وروى الطبري ٢/ ٢٠٥، وابن أبي حاتم ١/ ٢٣٢ عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: التهلكة: عذاب الله، وهذا قول رابع في معنى الآية. (٨) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٠٥، "تفسير البغوي" ١/ ٢١٥، وقال: وقيل: الباء في موضعها، وفيه حذف، أي: لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة، واختار أبو=