قال الفراء: ولو فتحها على تكرير الرؤية كان صوابًا، كأنه قال: ولو ترى الذين ظلموا إذ (١) يرون العذاب يرون (٢){أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}(٣). ومن قرأ بالياء ففتحُ {أَنَّ} في قراءته أبين؛ لأنه ينصب {أَنَّ} بالفعل الظاهر دون المضمر.
هذه وجوه اختلاف القراءة في هذه الآية (٤). فإن قيل: كيف جاءت (إذ) في قوله: {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} مع قوله: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} وهذا أمر مستقبل وإذ لما مضى؟، قيل: إنما جاء على لفظ المضي لإرادة التقريب في ذلك، كما جاء {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}[النحل: ٧٧]، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}[الشورى:١٧]، فلما أريد فيها من التحقيق والتقريب؛ جاء على لفظ المضي، وعلى هذا جاء في ما هو من (٥) أمر الآخرة أمثلة الماضي، كقوله:{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[الأعراف: ٤٤]. ومما جاء على لفظ المضي للتقريب من الحال: قول المقيم: قد قامت الصلاة، يقول ذلك قبل إيقاعه التحريم بالصلاة؛ لقرب ذلك من قوله، وعلى هذا قول رؤبة:
أَوْدَيْتُ إن لم تَحْبُ (٦) حَبْوَ المُعْتَنِكْ (٧)(٨)
(١) من قوله: (فكان وجه الكلام). ساقطة من (ش). (٢) ليست في (أ)، (م). (٣) من "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩٧ - ٩٨. (٤) من كلام أبي علي في "الحجة" ٢/ ٢٦٣ بتصرف. (٥) ساقطة من (أ)، (م). (٦) في (ش): (يجب). (٧) في (ش): (المعتبك). (٨) لرؤبة من قصيدة يمدح فيها الحكم بن عبد الملك في "ديوانه" ص ١١٨،=