غير أن بني تميم يجيزون البدل، كما يكون الاستثناء متصلًا، وعلى لغتهم ينشد:
وبلدةٍ ليس بها أنيسُ ... إلّا اليعافيرُ وإلّا العِيسُ (١)
فجعل اليعافير بدلًا من الأنيس. والقرآن نزل بلغة أهل الحجاز فلذلك نصب كل مستثنى منقطع من الأول، كقوله:{إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ}[النساء: ١٥٧] وقوله: {فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ} ثم قال: {إِلَّا رَحْمَةً}[يس:٤٣ - ٤٤] وكذلك قوله: {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ}[الليل: ٢٠](٢).
وقال معمر بن المثنى: إلا هاهنا معناها: الواو، فهو عطفٌ عُطِف به {الَّذِينَ} على {النَّاسِ}. والمعنى: لئلا يكون للناس والذين ظلموا عليكم حجة (٣)، واحتُجَّ على هذا المذهب بأبيات منها (٤):
(١) الرجز لجران العود في "ديوانه" ص ٩٧، "لسان العرب" ٧/ ٣٩٣٨ (كنز)، وأوضح المسالك ٢/ ٢٦١. (٢) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٥، وقال في "البحر" ١/ ٤٤٢ مبينا مثار الخلاف بين من قال بالاتصال والانقطاع هو: هل الحجة هو الدليل والبرهان الصحيح، أو الحجة هو الاحتجاج والخصومة؟ فإن كان الأول: فهو استثناء منقطع، وإن كان الثاني: فهو استثناء متصل. (٣) ينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٦٠ - ٦١، و"تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٥، و"تفسير البغوي" ١/ ١٦٦. (٤) احتج أبو عبيدة بهذه الأبيات: الأول للأعشى: إلا كخارجةَ المكلِّفِ نفسَه ... وابني قبيصة أن أَغيبَ وأشهدا ومعناه: وخارجة. والثاني: لعنز بن دجاجة المازني: من كان أسرع في تفرق فالج ... فلبونُه جَرِبتْ معَا وأغدَّتِ إلا كناشرةَ الذي ضيّعتمُ ... كالغصن في غُلَوائه المتنبِّتِ يريد وناشرة الذي ضيعتم.