قال النحويون: ودعوى (٣) الحذف لا يطرد هاهنا، وليس (٤) الحذف من ضرورة هذا الكلام، فإن العرب تقول: استبقنا موضع كذا، أي: قصدناه متسابقين، كقوله تعالى:{وَاسْتَبَقَا الْبَابَ}[يوسف: ٢٥] وقوله: {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ}[يس: ٦٦] وقلَّ ما تراه مستعملا مع الخافض.
وقوله تعالى:{أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ} قال الفراء: إذا رأيت حروف الاستفهام قد وُصِلت بـ (ما) مثل: أينما، ومتى ما، وكيف ما {أَيًّا مَا تَدْعُوا}[الإسراء: ١١٠] كانت جزاء ولم تكن استفهامًا. فإذا لم توصل بـ (ما) كان الأغلب عليها الاستفهام، وجاز فيها الجزاء، فإذا كانت جزاءً جزمت الفعلين، الفعلَ الذي مع أينما وأخواتها، وجوابَه، كقوله:{أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ}. فإذا أدخلت الفاء في الجواب، رفعت الجواب فقلت في مثله من الكلام: أينما تكن فآتيك، ومثله قوله:{وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ} [البقرة:
(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٩، "تفسير البغوي" ١/ ١٦٤،"البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧. (٢) البيت للراعي النميري، في مدح يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ينظر "ديوانه" ص ١٩١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٩، "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧ وموضع الشاهد قوله: ومن يمل سواكم، أراد: ومن يمل إلى سواكم. (٣) في (ش): (ومعنى دعوى). (٤) سقطت من: (ش).