والثانية: أنها نزلت في مشركي مكة، لأنهم منعوا المسلمين من ذكر الله في المسجد الحرام (١)، وعلى هذه الرواية معنى قوله {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} أنهم منعوا من العبادة في المساجد، وكلُّ من مَنعَ من عبادة الله في مسجد فقد سعى في خرابه؛ لأن عمارته بالعبادة فيه.
وأصل السعي في اللغة: الإسراع في المشي، قال الله عز وجل:{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى}[القصص: ٢٠]. ثم يسمّى المشيُ سعيًا، كقوله:{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ}[الصافات: ١٠٢]، يعنى المشي، وقال:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩]، أي: امشوا، وقال (٢){ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا}[البقرة: ٢٦٠]، أي: مشيًا. ثم يسمى العمل سعيًا، لأنه لا ينفك من السعي في غالب الأمر، قال الله تعالى:{فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[الإسراء: ١٩] وقال: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}[الحج: ٥١] أي: جدّوا في ذلك، وقال:{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل: ٤]، أي: عملكم مختلف.
وأراد (٣) بالسعي في هذه الآية: العمل (٤).
= النزول" ص ٣٩ من رواية الكلبي عن ابن عباس وأخرجها الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٩٨، وابن أبي حاتم ١/ ٢١٠ من طريق العوفي نحو ذلك، كما روي عن مجاهد وقتادة والسدي كما ذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٥٢٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢١٠، والواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٩ وغيرهم. (١) أخرجها ابن أبي حاتم ١/ ٢١٠ من طريق ابن اسحاق بسند حسن، وذكره الحافظ في "العجاب" ١/ ٣٥٩ من طريق عطاء عن ابن عباس. وبه قال عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، كما رواه الطبري عنه ١/ ٤٩٨. (٢) في (م): (ثم قال). (٣) في (ش): (فأراد). (٤) ينظر: "المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني ص ٢٣٨ - ٢٣٩.