وأنسأته الدين إنساءً: إذا أخرت قضاءه عنه. واسم ذلك: النسيئة، فمعنى قوله:(ننسأها) أي: نؤخرها (٤). ومعنى التأخير في الآية على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يؤخر التنزيل (٥) فلا ينزل ألبتَّة، ولا يُعْلَم، ولا يُعْمَل به، ولا يتلى، والمعنى على هذا: ما نؤخر (٦) إنزالها فلا ننزِلُها (٧).
الوجه الثاني: أن ينزلَ القرآن فيعمل به ويتلى، ثم يؤخر بعد ذلك، بأن يُنْسخ فترفع (٨) تلاوته ألبتّة، فلا يتلى ولا يعمل بتأويله، وذلك مثل ما روينا عن أبي بكر (٩) - رضي الله عنه - ومثل ما روي عن زر أن أُبَيًّا قال له: كم تقرؤون الأحزاب؟ قلت: بضعًا وسبعين آية، قال: قد قرأتها ونحن مع
(١) ذكره ابن الأثير في "النهاية" بلفظ: "ارموا فإن الرمي جلادة، وإذا رميتم فانتسوا عن البيوت" أي: تأخروا وصوب: انتسئوا، وعزاه للهروي. ينظر: "النهاية" ٥/ ٤٥، "اللسان" ١/ ٣٩٢ - ٣٩٣ ومعنى تناضلتم: تراميتم للسبق. (٢) هو: مالك بن زغبة، من بني قتيبة بن معن، من باهلة، حدثت معركة قبلية جاهلية ضد بني الحارث بن كعب وبني نهد وبني جرم، نظم فيها أبياتا. ينظر: "خزانة الأدب" ٨/ ١٣٢، و"البرصان والعرجان" ص ٤٥٩. (٣) ينظر: "لسان العرب" ٥/ ٣٦١٧، (مادة: عور)، ٥/ ٣١٨٧، (مادة: عير)، ٧/ ٤٤٠٤، (مادة: نسأ)، "المعجم المفصل" ٣/ ٣٧١. (٤) ينظر: "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٨٧، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٦، "اللسان" ٧/ ٤٤٠٣. (٥) في (ش): (المنزل). (٦) في (ش): (يؤخر). (٧) في (ش): (فلا ينزلها). (٨) في (ش): (فترفع). (٩) تقدم تخريجه.