والقراءة الصحيحة:{مَا نَنْسَخْ} وقرأ ابن عامر (١) وحده (ما نُنْسِخْ) بضم النون (٢)، وخَطَّأهُ في ذلك أبو حاتم (٣)(٤) وكثير من أهل النظر (٥). والذين وجهوا هذه القراءة قالوا: أفعَلَ لا يخلو من ثلاثة (٦) أوجه:
أحدها (٧): أن تكون (٨) لغة (٩) في فعل كقولهم: حلَّ من إحرامه، وأَحَلّ، وبدأ الله الخلق وأبدا هم، ولا يجوز هذا الوجه في أنسخ؛ لأنا لا نعلم أحدًا حكى أو روى أنسخ بمعنى: نسخ.
الوجه الثاني: أن تكون الهمزة للنقل، كقوله: قام وأقمته، وضرب وأضربته (١٠)، ونسخ الكتاب وأنسخته الكتاب، وهذا الوجه أيضًا كالأول
(١) هو: أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي، إمام أهل الشام في القرآن، وأحد القراء السبعة، أخذ القراءة من المغيرة بن أبي شهاب اليحصبي عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، توفي سنة ١١٨هـ. ينظر: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٨٢، و"السبعة" ص ٨٥. (٢) قرأ ابن عامر من غير طريق الداجوني عن هشام: (ما نُنْسِخ) بضم النون، والباقون بالفتح. ينظر: "السبعة" ١٦٨، "النشر" ٢/ ٢١٩ - ٢٢٠، و"معاني القراءات" للأزهري ص ٦٠، "الحجة في القراءات السبعة" ٨٦ تحقيق: عبد العال سالم مكرم. (٣) هو: سهل بن محمد الجشمي السجستاني، من أئمة القراءة واللغة، تقدمت ترجمته. (٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥، "الدر المصون" ١/ ٣٣٤. (٥) قال السمين الحلبي في "الدر المصون" ١/ ٣٣٤: وهذا جراءة منه على عادته. (٦) في (ش): (لا يخلو هذه أوجه). (٧) في (ش): (أحدهما). (٨) في "الحجة" أن تكون (أفعل) لغة في هذا الحرف. (٩) ساقطة من (م). (١٠) في (ش): (وضربته).