وأضاف القتل إليهم في قوله:{وَإِذ قَتَلتُم} وإن كان القاتل واحداً على ما ذكرنا من مذهب العرب أنهم يضيفون فعل البعض إلى جماعة القبيلة، يقولون للقبيلة: انهزمتم يوم ذي قار وإنما انهزم بعضهم (١).
وقوله تعالى:{وَإِذ قَتَلتُم} ينعطف على قوله: {وَإِذ قَلتُم يَامُوسَى}(٢)[البقرة: ٥٥]، {وَإِذ فَرَقنَا}[البقرة: ٥٠] والذكر مضمر فيها كأنه: واذكروا إذ قتلتم (٣)، ولهذا لم يأت لـ (إذ) بجواب. ومثله قوله:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}(٤)، وليس شيء قبله تراه ناصباً لصالح، فعلم بذكر النبي وبالمرسل (٥) إليه أن فيه إضمار (٦): أرسلنا.
ومثله:{وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ}[الأنبياء: ٧٦]، {وَذَا اَلنوُنِ}[الأنبياء: ٨٧]. وهذا يجري على مثال ما قال في سورة ص:{وَاذكُر عَبدَنَا}[ص: ٤٥](٧)، ثم ذكر الذين من بعدهم بغير (واذكر) لأن معناه متفق،
(١) سبق بيان هذا عند تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٤٠]، ٢/ ٤٣٣ وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٠، ٩٨، "البحر المحيط" ١/ ٢٥٩. (٢) في (أ)، (ج): (قتلتم تصحيف). (٣) كذا في "معاني القرآن" للفراء نقل عنه بتصرف ١/ ٣٥، والمراد أن (إذ) يقدر قبلها (اذكر) في أول موضع وردت فيه وما بعدها عطف عليهما وذلك في قوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ} [البقرة:٤٩]. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٩، ٢٧٥، ٢٨٩، ٣٥٦. (٤) الأعراف: ٧٣، هود: ٦١. (٥) في (ب): (المرسل) بسقوط الواو والباء. (٦) (إضمار) ساقطة من: (أ)، (ج)، وأثبتها من (ب)، ومثله في "معاني القرآن" ١/ ٣٥، والسياق يقتضيها. (٧) وفي "معاني القرآن" للفراء: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ}.