والإكباب مطاوع الكب (١)، وذكرنا تفسيره عند قوله:{فَكُبَّتْ وُجُوهُهُم}[النمل: ٩٠]، ويقال للسادر والهائم (٢) على وجهه في ضلاله: مكب على وجهه، فضرب المكب على وجهه مثلًا للكفار؛ لأنه أكب على وجهه في الغي والكفر يمشي ضالًا أعمى القلب. فهذا أهدى، {أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا} معتدلًا يبصر الطريق {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وهو الإسلام، وهذا قول ابن عباس في رواية الكلبي، وقول مقاتل، ومجاهد، والضحاك (٣).
وقال الكلبي: راكبًا رأسه في الكفر والضلالة كما تركب البهيمة رأسها (٤). وقال مقاتل: يعني أبا جهل والنبي -صلى الله عليه وسلم- (٥).
وقال عطاء عن ابن عباس: يريد أبا جهل وحمزة بن عبد المطلب (٦).
(١) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٧٢، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٠٣، و"روح المعاني" ٢٩/ ٢٠، وذكر جواز الوجهين وقول بعض الأئمة بتسوية المطاوعة والصيرورة. ورد الزمخشري هذا حيث قال: (أكب من باب أنفض وألام، ومعناه دخل في الكب، وصار ذا كب، ومطاوع كب وقشع وانكب وانقشع) "الكشاف" ٤/ ١٢٤. قال النيسابوري: ولا يخفى أن هذا نزاع لفظي، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ١١. ومعنى المطاوعة: الموافقة، والنحويون ربما سموا الفعل اللازم مطاوعًا. "اللسان" ٢/ ٦١٥ (طوع). (٢) السادر: هو الذي لا يهتم لشيء ولا يبالي ما صنع. والهائم: الحائر. يقال: هام في الأمر يهيم إذا تحير فيه. "اللسان" ٢/ ١١٩ (سدر) ٣/ ٨٥٧ (هيم). (٣) في (س): (وهذا قول ابن عباس) إلى (الضحاك) زيادة. وانظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١١٠، ١١١، و"تفسير مقاتل" ١٦٢ أ، و"جامع البيان" ١٢/ ٢٩/ ٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢١٩. (٤) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٥٨ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧٢. (٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٢ أ، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ١١. (٦) انظر: "غرائب القرآن" ٢٩/ ١١.