قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا}، الذلول من كل شيء: المنقاد الذي يذل لك. ومصدره الذل، وهو الانقياد واللين، ومنه يقال: دابة ذلول (٢)؛ وفي وصف الأرض بالذلول قولان:
أحدهما: قال ابن عباس: سهل لكم الأرض (٣). والمعنى على (٤) هذا أنه لم يجعلها بحيث يمتنع المشيء فيها بالحزونة (٥) والغلظ.
وقال مقاتل: أثبتها بالجبال لئلا تزول بأهلها (٦). وهو قول الكلبي (٧). وعلى هذا القول معناه أنه سخرها لنا بأن أثبتها، ولو كانت تتكفأ متمايلة لم تكن منقادة لنا.
قوله:{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} أمر إباحة. ومعناه البيان عن كونها ذلولًا. وفي المناكب قولان:
(١) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٧٤٦. قلت: والعلماء من أهل السنة يرون القول الأول، وهو أن يكون (من) فاعلًا مرادًا به الخالق ومفعول العلم محذوف، وكذا مفعول الخلق. والتقدير: ألا يعلم السر والجهر من خلقهما. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٤٧٣، و"دقائق التفسير" ٥/ ١٣، و"الانتصاف بهامش الكشاف" ٤/ ١٢٣. (٢) انظر: "تهذيب اللغة" ١٥/ ١٢، و"مفردات الشراب" (١٨٠) (ذل). (٣) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٥٧ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧١. (٤) في (ك): (على) زيادة. (٥) الحزونة: الخشونة، "اللسان" ١/ ٦٢٧ (حزن). (٦) وهو القول الثاني. انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢١٥. (٧) في (س): (وهو قول الكلبي) زيادة.