أي بتغييرنا (٢) خلقكم وتبديلنا صوركم، وهذا أمر (٣) حتم ليس للمأمور فيه اكتساب، ولا يقدر على دفعه عن نفسه (٤).
وقال (٥) بعض النحاة: الأمر يجيء على معان: على الفرض، والنفل، والإذن، والتهديد والتحدي، وعلى معنى الخبر. فالفرض مثل:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}(٦) وأشباهه، والنفل كقوله:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}[النساء: ٣٤]، والإذن:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢]، والتهديد:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠](٧)، وكقوله:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ}[الإسراء: ٦٤]، الآية، والتحدي:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا}[البقرة: ٢٣]، وفيه معنى الإلزام، إلا أن من الإلزام ما لا يكون في المقدور أصلًا كقوله:{قُل هَاتُوا بُرهَانَكُم}(٨) وليس يصح برهان على صدقهم. وأمَّا بمعنى الخبر فقوله:{كُونُوا قِرَدَةً}(٩) أي: جعلناهم قردة (١٠)، إلا أنه جاء بلفظ الأمر على طريق البلاغة. وقد
(١) ما بين المعقوفين غير مقروء في (ب). (٢) في (ب): (بتغيير)، وفي (ج): (بتغيرنا). (٣) في (ج): (امرتكم). (٤) انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٦٦ - ٣٧٧، و"البيان" ١/ ٩٠، و"البحر" ١/ ٢٤٦. (٥) (الواو) ساقطة من (ب). (٦) [البقرة: ٤٣، ٨٣، ١١٠، والنساء: ٧٧، والنور: ٥٦، والمزمل: ٢٠] (٧) في (أ)، (ج): (اعملوا) تصحيف. (٨) [البقرة: ١١١، والأنبياء: ٢٤، والنمل: ٦٤]. (٩) [البقرة: ٦٥، والأعراف: ١٦٦]. (١٠) ذكر الغزالي في المستصفى الوجوه التي يأتي عليها الأمر، ومنها الوجوه التي =