وروى أن عراك بن مالك (٢) كان إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد وقال: "اللهم إني (٣) أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين"(٤).
وأجمع المفسرون على أن الأمر بالانتشار والابتغاء أمر إباحة كقوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢] وليس على كل من حل من إحرامه أن يصطاد، قال أبو إسحاق: هذا مثل قولك في الكلام: إذا حضرتني فلا تنطق (٥)، وإذا غبت عني فتكلم بما شئت، إنما معناه الإباحة (٦).
قوله تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} قال مقاتل: باللسان (٧)، وقال سعيد: واذكروا الله كثيرًا بالطاعة (٨).
وقال مجاهد: لا يكون من الذاكرين كثيرًا حتى يذكره قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا (٩).
(١) قال النحاس: وظاهر الآية يدل على إباحة الانتشار في الأرض لطلب رزق في الدنيا أو ثواب في الآخرة. "إعراب القرآن" ٣/ ٤٣٠. (٢) هو عِرَاكُ بن مالك الغفاري، الكناني، المدني، ثقة فاضل. مات في خلافة يزيد بن عبد الملك بعد المائة. انظر: "العبر" ١/ ٩٢، و"التقريب" ٢/ ١٧. (٣) (إني) ساقطة من (ك). (٤) أخرج ابن أبي حاتم عنه، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٦٧. (٥) في (ك): (تنطلق). (٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٧٢. (٧) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٥ أ، و"التفسير الكبير" ٣/ ٩. (٨) انظر: "التفسير الكبير" ٣/ ٩. (٩) انظر: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٦٧.