قال: المعنى كنت بريئًا وكان والدي منه بريئًا (١). ونحو هذا قال الفراء، وأنشد للفرزدق (٢):
إني ضَمِنْت لمن أتانِي ما جَنَى ... وأبي فكان وكُنْتُ غَيْرَ غَدُورِ (٣)
وقال المبرد: فعيل يكون للواحد والجميع، وأنشد هو وأبو عبيدة:
يا عاذلاتي لا تطلن ملامتي ... إن العواذل لسن (٤) لي بأمير (٥)
وقال الله تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}[التحريم: ٤]. وقد ذكرنا هذا عند قوله:{وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء: ٦٩](٦). والمراد بالقعيد هاهنا: الملازم الذي لا يبرح، لا القاعد الذي هو ضد القائم، قال مجاهد: عن اليمين كاتب الحسنات، وعن الشمال كاتب السيئات (٧).
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٤٤. (٢) في (أ): (الفرزدق) والصواب ما أثبته. سبق ترجمته في سورة النساء. (٣) ورد البيت في "الكتاب" ١/ ٣٨، "الإنصاف" ص ٩٥، "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٧٧، "المذكر والمؤنث" ص ٦٧٧، "الإيضاح في شرح المفصل"١/ ١٦٨، وليس في "ديوان الفرزدق". والشاهد فيه: "غدور" ولم يقل: "غدورين". (٤) أي: (ليس). (٥) قال البغدادي في شرح أبيات "مغني اللبيب" ٤/ ٤٨٣: والبيت مشهور بتداول العلماء إياه في مصنفاتهم، ولم أقف على قائله اهـ. ونسب في بعض المصادر ليزيد ابن الصعق. انظر: "تهذيب اللغة" ٦/ ٢٤٤، "اللسان" ٢/ ٦٥٨ (ظهر)، "الخصائص" ٣/ ١٧١ , "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٤٣، وقوله: (بأمير) أي لسن لي بأمراء. (٦) ومما قال عند تفسيره لآية: قال الفراء: وإنما وحد الرفيق وهو حقه الجمع؛ لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب بها العرب إلى الواحد وإلى الجمع، ولا يجوز أن تقول: حسن أولئك رجلاً. وقال بعضهم: حسن كل واحد منهما رفيقًا (٧) انظر: "جامع البيان" ٢٦/ ٩٩، "الوسيط" ٤/ ١٦٥.