وهذا محذوف المفعول التقدير فيه: شهدنا المعركة أو من اجتمع لقتالها، وهذا الضرب يتعدَّى إلى مفعول واحد، فإذا نقل بالهمز تعدَّى إلى مفعولين تقول: شهد زيد المعركة، وأشهدته إياها، ومن ذلك قوله:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(٢)[الكهف: ٥١]، فقوله:{أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} من الشهادة التي هي الحضور، كأنهم وبِّخوا على أن قالوا ما لم يحضروا له، مما حُكْمُه أن يُعْلم بالمشاهدة، ومن قرأ:(أَأشْهِدوا) فالمعنى: أو أحضروا ذلك (٣)، ويقوي هذه القراءة قوله:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}[الكهف: ٥١]، وقال المبرد: القراءتان تؤولان إلى معنى؛ لأنه لا يشهد هذا الموضع أحد إلا أن يشهده الله (٤). [فإذا شهدوا وأشهدوا، وإذا شهد فقد شهدوا](٥).
قال ابن عباس: يريد أحضروا أو عاينوا خلقهم.
قال الكلبي ومقاتل: لما جعلوا الملائكة بنات الله سألهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:"ما يدريكم أنهم إناث؟ " قالوا: سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم
(١) البيت لحسان بن ثابت في ملحقات "ديوانه" ١/ ٥٢٢، وينسب البيت لكعب بن مالك. انظر: "الخزانة" ١/ ١٩٩، "اللسان" (جبر) ٤/ ١١٤، "الحجة" ٦/ ١٤٢. (٢) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ١٤٢، وفيها: أو من اجتمع لقتالنا، بدل قتالها، وكتاب: التذكرة في القراءات ٢/ ٦٦٦، "الكشف" لمكي ٢/ ٢٥٧. (٣) كذا رسمها في الأصل وفي "الحجة" (أأشهدوا)، فالمعنى: أأحضروا ذلك، انظر: ٦/ ١٤٦. (٤) لم أقف على قول المبرد، وقد ذكر نحو ذلك النحاس في "إعراب القرآن" ٤/ ١٠٤. (٥) كذا رسمها في الأصل، وفي "إعراب القرآن" للنحاس (لأنهم إذا شهدوا فقد أشهدوا).