أنكسه (١). وقد ذكرنا معنى النكس عند قوله:{ثُمَّ نُكِسُوا}[الأنبياء. ٦٥](٢). قال الأخفش: ننكسه هو كلام العرب، ولا يكادون يقولون: نكسته، إلا لما يقلب فيجعل (٣) رأسه أسفله (٤). قال مقاتل: يعني أدرك العمر (٥).
وقال أبو إسحاق: من أطلنا عمره نكسنا خلقه، فصار بدل القوة ضعفًا وبدل الشباب هرمًا (٦). وهذا معنى قول قتادة: هو الهرم يتغير بصره وقوته، كما رأيت قوله في رواية معمر (٧). وهذا عام في كل من يهرم، تتراجع قوته ويتغير عما كان عليه في شبابه.
وقال الكلبي (٨): من نعمره حتى يدركه الهرم يرده في الخلق الأول الذي كان لا يعقل فيه شيئًا. وروي ذلك عن قتادة (٩) قال: ننكسه في الخلق لكي لا يعلم بعد علم شيئًا، يعني: الهرم. وهذا لا يعم؛ لأنه ليس كل من عمر صار إلى الفند، على أن ابن عباس خص الآية بالكافر فقال في رواية
(١) انظر: "الطبري" ٢٣/ ٢٧، "الحجة" ٦/ ٤٥. (٢) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية ٣/ ٢٤٦ أ. (٣) في (ب): (فنجعل). (٤) انظر: "الحجة" ٦/ ٤٥، "الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها" ٢/ ٢٢٠. (٥) لم أقف على قول مقاتل، وليس هو في "تفسيره". (٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٩٣. (٧) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٤٥،"الطبري" ٢٣/ ٢٦، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٥١٤. (٨) لم أقف على قول الكلبي. وذكر ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١٠/ ٣٢٠٠ نحوه عن قتادة. (٩) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٦٧٤، "القرطبي" ١٥/ ٥١.