الظن، على معنى صدق ظنا ظنه، وصدق في ظنه (١) هذا كلامه. وشرحه أبو علي فقال: معنى التخفيف أنه صدق ظنه، أي الذي ظن بهم من متابعتهم إياه إذا أغواهم، وذلك نحو قوله:{لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[الأعراف: ١٦] و {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر: ٣٩] وهذا ظنه؛ ذلك عن يقين؛ لأنه لم يقل بظنه (٢) على هذا ينتصب انتصاب المفعول به، ويجوز تعديته إلى المفعول به كما قال:
فإن تك ظني صادقي فهو صادقي (٣)
ويجوز أن ينتصب انتصاب الظرف، على تقدير: صدق عليهم الظن، على أنه مفعول به وعدي صدق إليه كما قال:
فإنْ لم أصدَّق ظنكَ بتيقنٍ ... فلا سقتِ الأوصالَ منِّي الرواعدُ (٤).
واختلف المفسرون في هذه الآية؛ فمذهب ابن عباس في رواية عطاء أزال كناية في قوله:{صَدَّقَ عَلَيْهِمْ} عن أهل سبأ (٥). وقال في قوله:{فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: يريد قليلاً من الذين صدقوا الأنبياء
(١) انظر: "معاني القرآن وإعربه" ٤/ ٢٥١. (٢) هكذا في النسخ! ولعل الصواب: فظنه، كما في "الحجة" ٦/ ٢١. (٣) شطر بيت من الطويل، لم أقف على قائله، وقد ورد في "إملاء ما من به الرحمن" ٢/ ١٩٧، وكذا في "الدر المصون" ٥/ ٤٤٢. وجاء البيت بتمامه في "مجمع البيان" ٨/ ٦٠٧ برواية: إن يك ظني صادقًا وهو صادقي ... بشملة يحبسهم بها محبسا وعرا ونسبه محققه إلى مكبرة بنت بردام شملة، تقول: إن يك ظني بشملة صادقًا يحبسهم، أقي القوم الذين قتلوا أباه بتلك المعركة محبسا صعبا يدركه فيه ثأر أبيه (٤) بيت من الطويل ولم أقف على قائله. (٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢٢/ ٨٧، "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٤٣٠.