وقال أبو علي:(وجه النصب أن الريح حملت على التسخير في قوله {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ}[ص: ٣٦] كذلك ينبغي أن تحمل هنا عليه، ووجه الرفع أن الريح إذا سخرت لسليمان، جاز أن يقال: له الريح على معنى: له تسخير (١) الريح، فالرفع على هذا يؤول إلى معنى النصب؛ لأنه المصدر المقدر في تقدير الإضافة إلى المفعول به) (٢).
قوله تعالى:{غُدُوُّهَا} أي: سير غدو تلك الريح المسخرة له شهر، أي: مسيرة شهر، وعلى هذا التقدير قوله:{وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} أي: سير رواحها سير شهر. قال الحسن:(كان يغدو من دمشق فيقيل باصطخر (٣)، وبينهما مسيرة شهر للمسرع، ثم يروح من اصطخر فمِبيت بكابل (٤)، وما بينهما مسيرة شهر للمسرع) (٥).
وقال السدي: كانت تسير في اليوم مسيرة شهرين للراكب.
(١) في (ب): (التسخير). (٢) "الحجة" ٦/ ١٠. (٣) اصطخر: بالكسر وسكون الخاء المعجمة، والنسبة إليها اصطخري، بلدة بفارس، وهي من أعيان حصون فارس، وبها كانت قبل الإسلام خزائن الملوك، ومن أشهر مدنها: البيضاء، ومائتين، ويزد وغير ذلك، ينسب إليها جماعة وافرة من أهل العلم. انظر: "معجم البلدان" ١/ ٢١١. (٤) (كابل) بضم الباء الموحدة ولام، من ثغور طخارستان، ولها من المدن: واذان وخواش وخشك وجزه، غزاها المسلمون في أيام بني مروان وافتتحوها، قلت: هي عاصمة جمهورية أفغانستان اليوم. انظر: "معجم البلدان" ٤/ ٤٢٦. (٥) انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ٤٣٧، "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٠٨، "مجمع البيان" ٨/ ٥٩٨، "البحر المحيط" ٨/ ٥٢٦، "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٦٩.