إلى الموصول: الذكر المحذوف من {آتَيْتُمْ}(١) وقوله: {فَلَا يَرْبُو} في موضع رفع بأنه خبر الابتداء، والفاء دخلت في الخبر على حد بما دخلت في قوله:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}[النحل: ٥٣].
وقوله:{آتَيْتُمْ} أكثر القراء قرأ: {آتَيْتُمْ} بالمد (٢)، (٣) إلى قول: من مد كأنه قيل: ما جئتم من ربًا، ومجيئهم ذلك على وجه الإعطاء له كما قال (٤): أتيت الخطأَ، وأتيت الصوابَ، وأتيت قبيحًا، قال الشاعر:
أتيتُ الذي يأتي السفيه لِغرتي ... إلى أن علا وَخْطٌ من الشيبِ مَفْرِقي
فإتيانه الذي يأتي السفيه إنما هو فعل منه له (٥).
وقوله:{مِنْ رِبًا} على ضربين؛ أحدهما: متوعد عليه محرم بقوله: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٨] والآخرُ غير محرم: وهو أن يُهدِي
(١) يعني بالذكر المحذوف هنا: الضمير الواقع مفعولًا في قوله تعالى: {آتَيْتُمْ} والتقدير: الذي آتيتموه، وسر تسميته بالذكر المحذوف -فيما يظهر- أن المقدر هنا كالمذكور سواء بسواء. (٢) قرأ ابن كثير: {أَتَيْتُمْ} مقصورة، والباقون: {آتَيْتُمْ} بالمد، في قوله تعالي: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} وأما قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} فلم يختلفوا في مدها. "السبعة في القراءات" ص ٥٠٧، "والحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٤٦، و"إعراب القراءات السبع وعللَّها" ٢/ ١٩٦، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٤. (٣) يوجد هنا سقط في النسختين؛ ولا يتم المعنى بدونه، وتمام الكلام كما هو عند أبي علي في "الحجة" ٥/ ٤٤٦: "وأما قصر ابن كثير فإنه يؤول في المعنى إلى قول من مد .. ". (٤) في "الحجة" ٥/ ٤٤٦: كما تقول. (٥) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٤٦، وأنشد البيت كاملًا, ولم ينسبه. الغِزُّ: الصغير الذي لم يجرب الأمور، يقال: كان ذلك في غرارتي وحداثتي. "تهذيب اللغة" ١٦/ ٧١ (غرر). والمفرق: وسط الرأس. "لسان العرب" ١٠/ ٣٠١ (فرق).