وقال ابن عباس: يريد الأجنة (٢) والأنهار وما غرسوا من الأشجار (٣). يريد أن أثارهم كان لأجل هذه الأشياء.
وقال مقاتل: يعني: وملكوا الأرض (٤)؛ وهذا معنى وليس بتفسير؛ وذلك أنه يثير الأرض مالكها.
وقوله:{وَعَمَرُوهَا} يعني: الأمم {أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} يعني: كفار مكة (٥). واختلفوا لِمَ كانت الأمم أكثر عمارة من أهل مكة؟ فذهب قوم إلى أنهم كانوا أكثر عمارة لأنهم كانوا أطول عمرًا؛ وهذا معنى قول الكلبي ومقاتل؛ قال الكلبي: وبقوا فيها أكثر مما بقي فيها قومك (٦).
وقال مقاتل: يقول: وعاشوا في الأرض أكثر مما عاش فيها كفار مكة (٧). وإذا كانوا أطولَ بقاءً، وأكثرَ عيشًا كانوا أكثر عمارة. وقال آخرون: لأنهم كانوا أكثر عددًا؛ فقد روي أنه لم يبق نَشَزٌ (٨) من الأرض يحتمل عمارة إلا كان لها عامر على عهد عاد، والأمم السالفة. وذكر أبو إسحاق معنًى آخر؛ فقال: يعني: أن الذين أهلكوا من الأمم كانوا أكثر حرثًا
(١) "غريب القرآن" ص ٣٤٠. (٢) هكذا في (أ)، (ب): (الأجنة)، وهي جمع جنة. قال الأزهري: الجنة: الحديقة، جمع جنانه "تهذيب اللغة" ١٠/ ٥٠٣ (جنن). (٣) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٢٤، بلفظ: ملكوا الأرض وعمروها. (٤) لم أجده في تفسير مقاتل، ولم أجده كذلك عند الثعلبي. (٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٢. (٦) "تنوير المقباس" ص ٣٣٩. (٧) "تفسير مقاتل" ٧٧ ب. (٨) النَّشَزُ، والنَّشْزُ، والوَشَز: ما ارتفع من الأرض. "تهذيب اللغة" ١١/ ٣٠٥ (نشز).