أباك (١). وهذا موافق لتفسير ابن عباس والكلبي، قال ابن عباس: يريد: لا يُعجزني أحدٌ من أهل الأرض، ولا من أهل السماء (٢). وقال الكلبي: يقول: وما أنتم بسابقي في الأرض هربًا, ولا أحدٌ من أهل السماء سابقي (٣). وهذا وجه.
والوجه الثاني: قال قطرب: معناه: ولا في السماء لو كنتم فيها، كقوله: ما يفوتني فلان بالبصرة، ولا هاهنا في بلدي. يعني: ولا بالبصرة لو صار إليها (٤). وهذا الوجه موافق لتفسير مقاتل؛ فإنه يقول في معنى الآية: وما أنتم يا كفارُ سابقي الله فتفوتونه؛ في الأرض كنتم، أو في السماء كنتم، أينما تكونوا حتى يجزيكم بأعمالكم السيئة (٥).
وذكر أبو إسحاق القولين موجزًا؛ فقال: معناه: ما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا أهل السماء بمعجزين. ويجوز: وما أنتم بمعجزين في الأرض، لا ولو كنتم في السماء. أي: لا ملجأ من الله إلا إليه (٦). {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ} يمنعكم منِّي {وَلَا نَصِيرٍ} ينصركم من عذابي. قاله ابن عباس (٧).
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٥. ونحوه عند ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" ٢١٧، و"غريب القرآن" ٣٣٨. (٢) أخرج نحوه ابن جرير ٢٠/ ١٣٩، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٤٧، عن ابن زيد. (٣) "تنوير المقباس" ٣٣٣، مثل قول ابن عباس. (٤) ذكره عن قطرب ابن الجوزي، "زاد المسير" ٦/ ٢٦٦. وهو قول الأخفش؛ قال: أي: لا تعجزوننا هربًا في الأرض ولا في السماء. "معاني القرآن" ٢/ ٦٥٦. (٥) "تفسير مقاتل" ٧٢ أ. (٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٦٥. (٧) "تنوير المقباس" ٣٣٤، بنحوه.