وقال في قوله:{أَحَسِبَ النَّاسُ} اللفظ لفظ استخبار، والمعنى معني تقرير وتوبيخ، ومعناه: أحسبوا بمعنى الذين جزعوا من أذى المشركين أن نقنع منهم بأن يقولوا: إنا مؤمنون فقط، ولا يمتحنون بما يتبين به حقيقة إيمانهم (١).
وقوله:{أَنْ يُتْرَكُوا}(أن) في موضع نصب بحَسِب.
وقوله:{أَنْ يَقُولُوا}(أن) في موضع نصب من جهتين؛ ذكرهما الفراء والزجاج؛ إحداهما أن التقدير:{أَنْ يُتْرَكُوا} لأن يقولوا أو بأن يقولوا، فلما حذف حرف الخفض وصل {يُتْرَكُوا} إلى أن فنصب.
والثانية: أن تجعل {أَحَسِبَ} مكررة عليها، المعنى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} أحسبوا (٢){أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}(٣) قال أبو إسحاق: الأولى أجود (٤).
قال أبو علي: إن تَرَك، يتعدَى إلى مفعول واحد، فإنْ بُنِيَ للمفعول لم يتعدَّ إلى آخَر، فـ {أَنْ يَقُولُوا} لا يتعلق به ولا يتعدى إليه، حتى يقدر محذوفٌ (٥) حرفٌ، ثم يُقدَّرُ الحرفُ فيصل الفعل (٦).
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٥٩. (٢) أحسبوا. زيادة من الفراء. (٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٤. التقدير على هذا القول: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} أحسب الناس {أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا} وجملة {وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} متعلقة بالحالين: الترك، والقول. والله أعلم. (٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٥٩. (٥) محذوف، من نسخة: (ب). (٦) "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" ٢/ ٢٢١ أ. والحرف المقدر هو ما سبق ذكره في قول الفراء والزجاج: لأن يقولوا، أو: بأن يقولوا.