القول الثالث: يقبل فيه قول امرأة واحدة إذا كانت مرضية، وقال به الإمام أحمد في رواية عنه (١)، وابن حزم (٢). وهو قول عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-، وطاوس، والزهري، وقبيصة، والأوزاعي (٣). قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيرهم (٤).
• أدلة هذا القول:
١ - عن عقبة بن الحارث -رضي اللَّه عنه- قال: تزوجت امرأة؛ فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما. فأتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت لي: إني قد أرضعتكما، وهي كاذبة، فأعرض عنه، فأتيته من قبل وجهه، وقلت: إنها كاذبة. قال:"كيف بها، وقد زعمت: أنها قد أرضعتكما؟ دعها عنك"(٥).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر المسائل بمفارقة امرأته لما جاءه الخبر أن امرأة أرضعتهما، فقبل قولها، وهي واحدة، ولم يطلب شاهدًا غيرها.
٢ - عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: سئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما الذي يجوز في الرضاع من الشهود؟ فقال:"رجل، أو امرأة"(٦).
٣ - عن ابن شهاب الزهريّ قال: جاءت امرأة سوداء في إمارة عثمان -رضي اللَّه عنه- إلى أهل ثلاثة أبيات قد تناكحوا، فقالت: أنتم بنيّ وبناتي، ففرَّق بينهم (٧).
القول الرابع: يقبل فيه قول امرأة واحدة مع يمينها، وهي رواية عن الإمام أحمد (٨). وقال به ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، وإسحاق (٩).
• أدلة هذا القول:
١ - عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية، وتستحلف مع
(١) "الإنصاف" (١٢/ ٨٦)، "شرح الزركشي على الخرقي" (٣/ ٥٠١). (٢) "المحلى" (٨/ ٤٨٧). (٣) "المغني" (١١/ ٣٤٠، "الحاوي" (١٤/ ٤٦٥). (٤) "سنن الترمذي" (٢/ ٣٨١). (٥) سبق تخريجه. (٦) أخرجه البيهقي في "الكبرى" ٧/ ٤٦٤)، وعبد الرزاق (١٣٩٨٢) (٧/ ٤٨٤). قال البيهقي: هذا إسناد ضعيف لا تقوم بمثله الحجة، محمد بن عثيم يرمى بالكذب، وابن البيلماني ضعيف، وقد اختلف عليه في متنه فقيل: هكذا. وقيل: رجل وامرأة. وقيل: رجل وامرأتان. (٧) أخرجه عبد الرزاق (١٣٩٧٠) (٧/ ٤٨٢). (٨) "الإنصاف" (١٢/ ٨٦)، "شرح الزركشي على الخرقي" (٣/ ٥٤٦). (٩) "المغني" (١١/ ٣٤٠).