خالف في هذه المسألة: الشافعية في الأصح عندهم في بيع الصبرة دون غيرها، وقالوا بأن بيع الصبرة مع جهل المتعاقدين صحيح، لكنه مكروه (١).
ودليلهم على هذا: أن بيع الصبرة على هذه الصفة مجهول القدر على الحقيقة، ومثل هذه الجهالة ربما تفضي إلى المنازعة والمخاصمة (٢).
النتيجة: صحة الإجماع على جواز بيع الجزاف؛ وذلك لعدم المخالف فيها. أما حكم بيع الصبرة جزافا فقد وقع الخلاف بين الجمهور والشافعية بين الإباحة والكراهة كما تبين.
[٧٧] بطلان بيع المعلوم والمجهول صفقة واحدة]
• المراد بالمسألة: إذا جمع في صفقة واحدة بين مبيع معلوم ومجهول يتعذر معرفة قيمته مطلقا، كأن يقول: بعتك هذه الدابة وما في بطن هذه الدابة الأخرى، ويسمي ثمنا واحدا لهما جميعا، فإن العقد باطل فيهما بكل حال، بلا خلاف بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن قدامة (٦٢٠ هـ) يقول: [أن يبيع معلوما ومجهولا، كقول: بعتك هذه الفرس، وما في بطن هذه الفرس الأخرى بألف. فهذا البيع باطل بكل حال، ولا أعلم في بطلانه خلافا](٣). نقله عنه عبد الرحمن القاسم (٤).
• شمس الدين ابن قدامة (٦٨٢ هـ) يقول: [أن يبيع معلوما ومجهولا، كقولك: بعتك هذه الفرس، وما في بطن هذه الفرس الأخرى بكذا. فهذا بيع
(١) المهذب (٩/ ٣٧٥ - ٣٧٦)، "روضة الطالبين" (٣/ ٣٦٧)، "مغني المحتاج" (٢/ ٣٥٦). (٢) ينظر: المهذب (٩/ ٣٧٥). (٣) "المغني" (٦/ ٣٣٥). (٤) "حاشية الروض المربع" (٤/ ٣٦٦). وقد قال بعد أن نقل كلام ابن قدامة ثم ذكر التعليل: [وقيل: يصح في المعلوم، صوبه في "تصحيح الفروع"] والتصويب في "تصحيح الفروع" (٤/ ٣٤) إنما هو فيما إذا فصل ثمن كل منهما، أما إذا كان الثمن واحدا فلم يحك فيها خلافا، فلعله سبق نظر منه.