ويمكن أن يستدل لهذه الروايات: أنهم ألحقوا هذه الحالات كلها بالبيع، فكما أنه لا يجوز التصرف بالبيع في العين المشتراة قبل قبضها، فكذلك هذه الحالات.
أما ابن حزم: فيرى أنه يجوز التصرف في هذه الأشياء قبل القبض إلا القمح وحده، فلا يحل التصرف فيه إلا بعد قبضه (١).
واستدل ابن حزم لقوله بعدة أدلة، منها:
الأول: أن النص إنما ورد في النهي عن البيع قبل القبض فيما ملك بعقد البيع، كما في حديث حكيم بن حزام -رضي اللَّه عنه-: "إذا ابتعت بيعا، فلا تبعه حتى تقبضه"(٢).
الثاني: أما تخصيص القمح من بين سائر أنواع الطعام؛ فلأن المراد بالطعام في اللغة التي بها خاطبنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يطلق إلا عليه وحده، ويطلق على غيره بالإضافة، ولذا فهو المراد في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "نهى عن بيع الطعام قبل قبضه"(٣) فبأي وجه ملكه لا يجوز له بيعه قبل قبضه (٤).
النتيجة: عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها.
[٧٢] نماء المبيع قبل القبض يكون للمشتري]
• المراد بالمسألة: إذا وقع العقد على عين، وقبل قبض المشتري لها، نمت هذه العين: كأن تكون بهيمة وولدت، أو شجرة وأثمرت ونحوها، فإن النماء يكون للمشتري، بلا نزاع بين العلماء.
• من نقل الإجماع:
• ابن تيمية (٧٢٨ هـ) يقول: [. . . القبض في البيع ليس هو من تمام العقد كما
= أن ابن رجب نفى الخلاف في المسألة بين الأصحاب، فلا أدري هل هذا لعدم اطلاعه عليه؟ أم لاعتبار شذوذ الخلاف فيها؟ . ينظر: "القواعد" (ص ٨٣ - ٨٤). (١) "المحلى" (٧/ ٤٧٢ - ٤٧٣). (٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٥٣١٦)، (٢٤/ ٣٢)، وابن الجارود في "المنتقى" (٦٠٢)، (١/ ١٥٤)، وابن حبان في "صحيحه" (٤٩٨٣)، (١١/ ٣٥٨). قال ابن حبان: [هذا خبر مشهور عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام، ليس فيه ذكر عبد اللَّه بن عصمة، وهذا خبر غريب]. (٣) سبق تخريجه. (٤) ينظر: "المحلى" (٧/ ٤٧٧).