كان الخمر في أول الإسلام مباحًا، يحل شربه، وبيعه، وغير ذلك، كسائر الأشربة المباحة، وكان شرب الخمر مشهورًا في الجاهلية لا يكاد يسلم منه إلا القليل، فكان من حكمة الشارع أن تدرج في تحريم الخمر على مراحل ثلاث هي كالتالي: المرحلة الأولى: قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)} (١).
وذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن الخمر فنزلت هذه الآية مبيِّنة أن ضررها أكثر من نفعها، وأن الترك أفضل لما فيه من الضرر الزائد على المنفعة، دون التصريح بتحريم الخمر، وإنما ذكر أن فيه إثم لما يحصل فيه من تغييب للعقل، والذي يحصل بسببه فعل للمحظور وترك للمأمور، وذكر أن فيه منافع وهو ما يحصل بشربها من اللذة، والتجارة في بيعها، ونحو ذلك.
فلما نزلت هذه الآية ترك بعض الصحابة -رضي اللَّه عنهم- شرب الخمر؛ لكون الإثم فيها أكبر من النفع، بينما استمر آخرون على شربها؛ لعدم النهي عنها (٢).