قال: نعم. فزوجوه، فدخل عليها، وهو شاب صحيح. فلما دخل على المرأة فأصابها فأعجبها، فقالت له: أعندك خير؟ قال: نعم، هو حيث تحبين، جعله اللَّه فداءها. قالت: فانظر لا تطلقني بشيء، فإن عمر لن يكرهك على طلاقي. فلما أصبح لم يكد أن يفتح الباب حتى كادوا أن يكسروه، فلما دخلوا عليه قالوا: طلق؛ قال: الأمر إلى فلانة. قال: فقالوا لها: قولي له أن يطلقك. قالت: إني أكره أن لا يزال يدخل عليّ. فارتفعوا إلى عمر بن الخطاب فأخبروه، فقال له: أتطلق امرأتك؟ قال: لا، واللَّه لا أطلقها، فقال عمر: لو طلقتها لأوجعت رأسك بالسوط (١).
• وجه الدلالة: أن عمر -رضي اللَّه عنه- صحح نكاحه، ولم يأمره باستئنافه (٢).
• القول الثاني: أن النكاح بهذه الصورة باطل، وهو قول أبي يوسف (٣)، والمالكية (٤)، والصحيح من المذهب عند الحنابلة (٥). وسبق ذكر من قال بمنعه مطلقًا بكل صوره.
النتيجة: أولًا: عدم تحقق الإجماع في تحريم نكاح التحليل؛ لخلاف الحنفية، والإمام الشافعي في القديم، والإمام أحمد في رواية عنه بأنه صحيح مع الكراهة.
ثانيًا: عدم تحقق الإجماع على بطلان نكاح المحلل، إذا نوى الزوج التحليل، ولم يأمره أحد بذلك، للخلاف الوارد في ذلك.
[[٣ - ٨٣] لا يقع التحليل إلا بعقد نكاح فيه وطء]
لا تحل المرأة لزوجها الأول الذي طلقها، إلا بعد أن يطأها زوجها الثاني؛ ولم
(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٧/ ٢٠٩)، عن ابن جريج قال: أُخبرت عن ابن سيرين، فذكره مختصرًا، وأخرجه عبد الرزاق (١٠٧٨٦) (٦/ ٢٦٧)، وسعيد بن منصور (٢/ ٧٧). قال الإمام الشافعي: وسمعت هذا الحديث مسندًا شاذًّا، متصلًا عن ابن سيرين. انظر: "سنن البيهقي" (٧/ ٢٠٩). وهذا الذي ذكر عن عمر ليس له إسناد، فلم يذكر ابن سيرين إسناده إلى عمر، كما قال الإمام أحمد. وقال أبو عبيد: هذا مرسل. انظر: "المغني" (١٠/ ٥٣). (٢) "نيل الأوطار" (٦/ ٢٥٤). (٣) "بدائع الصنائع" (٤/ ٤٠٥)، "الاختيار" (٣/ ١٥١). (٤) "الكافي" لابن عبد البر (ص ٢٣٨)، "القوانين الفقهية" (ص ٢٠٩). (٥) "الإنصاف" (٨/ ١٦١)، "المحرر" (٢/ ٥٢).