أن المسكر لا يحل شربه، وما لا يحل شربه؛ لا يجوز الوضوء به اتفاقًا" (١).
العيني (٨٥٥ هـ) حيث يقول في "شرحه للهداية": "وما اشتد منه صار حرامًا، لا يجوز التوضؤ به -أي لا يجوز الوضوء به- إجماعًا؛ لأنه صار مسكرًا حرامًا" (٢).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنابلة (٣)، وابن حزم (٤).
• مستند الإجماع:
١ - قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: ١١].
٢ - قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣].
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قيد الوضوء بالماء، فإن لم يوجد فالتيمم، ولم يقل: توضؤوا بأي مائع آخر؛ فدل على اشتراط كون المُتوضَأ به ماء، واللَّه تعالى أعلم.
٣ - حديث أبي موسى الأشعري -رضي اللَّه عنه-: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعثه إلى اليمن، فسأله عن أشربة تصنع بها، فقال: وما هي؟ قال: البِتْع والمِزْر، فقيل للراوي: وما البتع؟ قال: نبيذ العسل، والمزر نبيذ الشعير. فقال: "كل مسكر حرام" (٥).
• وجه الدلالة: حيث إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حرم النبيذ، وذكر قاعدة تشمل كل ما أسكر؛ فهو داخل في نفس الحكم، فإذا كان شربه حرامًا؛ فالوضوء به من باب أولى.
النتيجة: أن الإجماع متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.
[[٢٦ - ٢٦] الطهارة المتيقنة للماء لا تزول بالشك]
إذا تيقن المسلم طهارة الماء، ولكنه شك في نجاسته، فإنه يتوضأ به، ولا يعتبر الشك.
• من نقل الإجماع: النووي (٦٧٦ هـ) حيث يقول شارحًا قول الماتن: "إذا تيقن طهارة الماء، وشك في نجاسته، توضأ به، هذه الصور الثلاث متفق عليها" (٦)، وهذه
(١) "فتح الباري" (١/ ٣٥٤).
(٢) "البناية" (١/ ٥٠٧)، وانظر "المبسوط" (١/ ٨٨).
(٣) "المغني" (١/ ٢٠)، "المبدع" (١/ ٤١).
(٤) "المحلى" (١/ ١٩٥).
(٥) البخاري كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، (ح ٤٠٨٧)، (٤/ ١٥٧٩)، مسلم كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر، (ح ١٧٣٣)، (٣/ ١٥٨٦).
(٦) "المجموع شرح المهذب" (١/ ٢١٩).