• وجه الدلالة: في قوله {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦] فالباء هنا للتبعيض، فأي جزء من الرأس مسح؛ صح أن يُطلق عليه أنه مسح رأسه، فإذا ترك شيئًا يسيرًا غير قاصد، فلا شيء عليه من باب أولى (١).
• الخلاف في المسألة: خالف المالكية (٢)، والحنابلة في هذه المسألة (٣)، فقالوا بعدم جواز الاقتصار على بعض الرأس، وترك القليل منه دون مسح.
وسبق الاستدلال لهذا القول (٤).
النتيجة: أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[[٢٩ - ١٣٨] العفو عن ترك اليسير في مسح الرأس]
أعضاء الوضوء أربعة، ومنها الرأس، ولا يعفى عن ترك اليسير في أيٍّ منها؛ إلا أن الرأس له حكم مختلف، فهو مبني على التخفيف، ولذا كان حكمه المسح دفعًا للمشقة، فإذا ترك اليسير منه، دون أن يكون ذلك بقصد، فإنه متجاوز عنه، بمعنى أنه لا يلزم أن يوصل الماء إلى كل شعرة في الرأس، بل إذا أمرّ يده على ظاهر رأسه كله، فإنه يجزئه ذلك، وإذا بقي شيء من الشعر لم يصله الماء، فإن ذلك عفو.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (٤٦٣ هـ) حيث يقول في معرض نقاشٍ له: "على أنهم قد أجمعوا على أن اليسير -أي: اليسير المتروك فيمن مسح رأسه-، لا يقصد إلى إسقاطه متجاورٌ عنه، لا يضر المتوضئ"(٥).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (٦)، والشافعية (٧)، والحنابلة (٨)، وابن حزم (٩).