• قبل النظر في مسائل الإجماع في النكاح وأبوابه، لا بد من معرفة المراد بالنكاح، ثم معرفة حقيقته: هل هو في العقد أم في الوطء، أم فيهما جميعًا؟ وذلك من خلال النظر في كلام أهل اللغة وأهل الفقه. وعلى هذا سيكون الحديث في هذا الفصل من خلال المبحثين التاليين:
المبحث الأول: تعريف النكاح.
المبحث الثاني: حقيقة النكاح.
[المبحث الأول: تعريف النكاح]
[المطلب الأول: تعريف النكاح في اللغة]
• قال ابن فارس: النون، والكاف، والحاء؛ أصل واحد، وهو البضاع (١)، ونَكَح ينكِح "بكسر الكاف". وامرأة ناكح في بني فلان، أي ذات زوج منهم، والنكاح يكون في العقد دون الوطء، يقال: نكحتُ؛ تزوجتُ، وأنكحتُ غيري؛ زوَّجته (٢).
• ويقال: نكح فلان امرأة ينكحها نكاحًا: إذا تزوجها، ونكحها: إذا باضعها ينكحها أيضًا (٣). قال الشاعر (٤) في "نكح" بمعنى تزوج:
ولا تقربن جارة إن سرّها ... عليك حرام فانكحن أو تأبدا (٥)
• ويدل النكاح أيضًا على الضم والتداخل، وهو مأخوذ من نَكَحَه الدواء: إذا
(١) البضاع: هو الجماع، يقال: ملك فلان بُضع فلانة إذا ملك عقدة نكاحها، وهو كناية عن موضع الغشيان، والمباضعة: المباشرة. انظر: "لسان العرب" (٨/ ١٤). (٢) "معجم مقاييس اللغة" (٥/ ٤٧٥). (٣) "تهذيب اللغة" (٤/ ١٠٢). (٤) البيت للأعشى، كذا نسبه في "لسان العرب" (٢/ ٦٢٥)، وانظر: "ديوانه" (ص ٤٦). (٥) السر ضد العلن، والمراد أن الزنى -الذي هو الوطء بدون تزويج- عادة يكون سرًّا، فيكون حرامًا، فطلب منه أن ينكحها بالعقد عليها، أو يتأبد أي: يتوحش، أي: فليكن منها كالوحش بالنسبة للآدميات، فلا يكن منك قربان لهن كما لا يقربهن وحش. انظر: "فتح القدير" (٣/ ١٨٦) بتصرف، "المغرب في ترتيب المعرب" (ص ٤٤٦)، و"لسان العرب" (٤/ ٣٥٧)، و"معجم مقاييس اللغة" (٣/ ٧٦).