وهذا هو الأليق بفقه ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، حتى لا ينسب إلى الشذوذ بمخالفته الإجماع، خاصة أني لم أجد من قال بهذا القول من المتقدمين، ولا من المتأخرين.
الثالث: جاء عن ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"من اتخذ كلبا -إلا كلب زرع أو غنم أو صيد- ينقص من أجره كل يوم قيراط". فأثبت ابن عمر هنا الزرع في الحديث (١).
ثانيًا: ما ذكره الحنفية: العيني وابن الهمام وغيرهما في الإجماع من ذكر البيوت، واقتناء الكلب لحفظ البيوت والدور، مما اختلف فيه العلماء، فقد قال بمنعه: المالكية في المشهور عنهم، والشافعية في رواية مرجوحة عندهم، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (٢).
واستدل هؤلاء: بأن النص إنما ورد في هذه الثلاثة فقط، دون غيرها، فيبقى غيرها على الأصل وهو التحريم.
النتيجة: صحة الإجماع في جواز اقتناء الكلب للأمور الثلاثة، وهي: الصيد وحفظ الماشية والزرع؛ وذلك لعدم المخالف فيها.
[١٨] تحريم بيع القرد الذي لا ينتفع به]
• المراد بالمسألة: القرد من السباع التي مُسِخت أمة على شكله (٣)، وقد ينتفع به
(١) أخرجه مسلم (١٥٧٤)، (٣/ ٩٧٤)، لكن يظهر -واللَّه أعلم- شذوذ هذه الزيادة؛ لأن الأثبات عن ابن عمر لم يرووها عنه، بل الثابت نفيها عنه، وقد أشار إلى هذه العلة البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٥١) حين ذكر حديث أبي هريرة قال: [كذا قاله ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قيراطان، إلا أنه لم يحفظ فيه كلب الأرض في أكثر الروايات عنه، وقد حفظه أبو هريرة، وسفيان بن أبي زهير]. (٢) "المنتقى" (٧/ ٢٩٠)، "كفاية الطالب الرباني" (٢/ ٤٩٥)، "المجموع" (٩/ ٢٧٩)، "روضة الطالبين" (٣/ ٣٥٠)، "المغني" (٦/ ٣٥٦)، "الآداب الشرعية" (٣/ ٣٤٧)، "الإنصاف" (٧/ ٢٥٣). (٣) ينظر: التفسير الكبير المسمى "مفاتيح الغيب" (١٢/ ٣١)، "الدر المنثور" (٣/ ١٠٩)، "شرح مشكل الآثار" (٨/ ٣٢١).