قال الدردير:(وبطلت الوصية برجوع من الموصى فيها سواء وقع منه الإيصاء في صحته أو مرضه وبيّن ما به الرجوع فيها بقوله: بقول صريح كأبطلت وصيتي أو رجعت عنها، أو عتق للرقبة التي أوصى بها لزيد مثلًا)(١).
قال الدسوقي:(وبطلت الوصية برجوع فيها لأنها من العقود الجائزة إجماعًا فيجوز له الرجوع فيها ما دام حيًّا)(٢).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن ابن عمر، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)(٣).
• وجه الدلالة: ما قاله مالك: (فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته، كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه)(٤).
الثاني: عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال:(يغير الرجل ما شاء من وصيته)(٥).
الثالث: أنها عطية تنجز بالموت، ولم تنزل الملك، فجاز له الرجوع عنها قبل تنجيزها، قياسًا على هبة ما يفتقر إلى القبض قبل قبضه (٦).
الرابع: أن عقد الوصية غير لازم بل هو من العقود الجائزة إجماعًا، وما كان من العقود هذه صفته فلصاحبه الرجوع فيه؛ لأن الوعد غير لازم (٧).
(١) الشرح الصغير، ٤/ ٥٨٧. (٢) حاشية الدسوقي، ٦/ ٤٩٣. (٣) سبق تخريجه في (ص ٤٠٥). (٤) الموطأ (٢/ ٧٦١) تحت رقم (١٤٥٣)، والاستذكار (٢٣/ ٢١). (٥) سبق تخريجه. (٦) انظر: الحاوي الكبير (٨/ ٣٠٥)، والهداية (٤/ ٥٨٦)، والكافي (ص ٥٤٢)، وأسنى المطالب (٦/ ١٤٩). (٧) بدائع الصنائع (٦/ ٥٦٦)، والشرح الكبير للدردير المالكي (٦/ ٤٨٦)، والمحلى (١٠/ ٢١٧).