الثاني: عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: لما نزلت سورة النساء، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا حبس بعد سورة النساء)(٢). قالوا فهذا دليل على نسخ الوقف (٣). يقول الماوردي: فأما الجواب عن حديث ابن عباس فمن وجهين:
١ - أنه أراد حبس الزانية، وذلك قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)} [النساء: ١٥]، وقد بيّن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- السبيل فقال: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.
٢ - أنه أراد به ما ينبه في آخر وهو قوله:"إن اللَّه أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"، فكأنه قال: لا يحبس عن وارث شيء جعله اللَّه له (٤)
الثالث: عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال:(لولا أني ذكرت صدقتي لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لرددتها")(٥).
(١) انظر: شرح معاني الآثار (٤/ ٩٦ وما بعدها). (٢) رواه: البيهقي في السنن الكبرى، رقم (١٢٢٥٣)، والدارقطني، كتاب الفرائض والسير وغير ذلك، رقم (٤١٠٥)، وابن حزم، في المحلى (٩/ ١٧٧) وقال: [هذا حديث موضوع وابن لهيعة لا خير فيه وأخوه مثله، وبيان وضعه أن سورة النساء أو بعضها نزلت بعد أحد يعني آية المواريث وحبس الصحابة بعلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد خيبر وبعد نزول المواريث في سورة النساء. . وهذا أمر متواتر جيلا بعد جيل، ولو صح هذا الخبر لكان منسوخًا باتصال الحبس بعلمه عليه الصلاة والسلام إلى أن مات]. (٣) انظر: شرح معاني الآثار (٤/ ٩٦ وما بعدها). (٤) الحاوي الكبير، ٧/ ٥١٣. (٥) رواه: مالك في الموطأ، باب الاعتصار في الصدقة، رقم (٢/ ٤٨٧)، والطحاوي، كتاب الهبة والصدقة، باب الصدقات الموقوفات، رقم (٥٤٣٣)، قال البيهقي في معرفة السنن والآثار (٩/ ٤٠): [فهو منقطع، لا تثبت به حجة، ومشكوك في متنه، لا يدري كيف قاله] ثم قال: [والأشبه بعمر إن كان هذا صحيحا أنه لعله أراد ردها إلى سبيل =