لك يا عبد، الولد للفراش، وللعاهر الحجر (١)، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة"، قالت: فلم يرَ سودة بعد (٢).
• وجه الدلالة: دل الحديث على أن الرجل إن كانت له زوجة أو أمة فأتت بولد في مدة الإمكان صار ولدًا لصاحب الفراش، ولهذا قضى به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد بن زمعة؛ لأنه ولد على فراش أبيه (٣).
٢ - عن عبد اللَّه بن عمر أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنهما- قال: ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعزلوهن؟ لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد أو اتركوا (٤).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية إلى القول بأن الأمة لا تصير فراشًا بمجرد الملك -كما قال الجمهور- ولا يكفي أن تأتي بولد؛ بل لا بد أن يستلحقه، فيقول: هذا الولد مني (٥).
• دليل هذا القول: أن فراش الأمة ضعيف (٦)، فلا يثبت النسب فيه بغير ادعائه، وقد وجد الادعاء من السيد فيثبت له (٧).
(١) العاهر: الزاني، وله الحجر: عادة العرب أن تقول له الحجر، ونحوه، أي: ليس له إلا الخيبة. وقيل: المراد بالحجر هنا أنه يرجم بالحجارة. وضعَّفه النووي؛ فقال: وهذا ضعيف؛ لأنه ليس كل زان يرجم بالحجارة، إنما يرجم المحصن خاصة، ولأنه لا يلزم من رجمه نفي الولد. انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٣٣). (٢) أخرجه البخاري (٦٧٦٥) (٨/ ١٥)، ومسلم (١٤٥٧) "شرح النووي" (١٠/ ٣٢). (٣) "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٣٣). (٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (ص ٥٦٩)، والبيهقي في "الكبرى" (٧/ ٤١٣)، وصححه الألباني انظر: "إرواء الغليل" (٧/ ١٩٠). (٥) "بدائع الصنائع" (٥/ ٣٩٨)، "العناية على الهداية" (٤/ ٣٦٥). (٦) قسَّم الحنفية الفراش في النسب إلى ثلاثة أقسام: الأول: قوي: وهو فراش النكاح، فيثبت النسب فيه بمجرد العقد من غير دعوة، ولا ينتفي إلا بلعان. الثاني: وسط: وهو فراش أم الولد، فيثبت النسب فيه من غير دعوة، وينتفي بلا لعان. الثالث: ضعيف: وهو فراش الأمة؛ فلا يثبت النسب فيه من غير دعوة. انظر: "بدائع الصنائع" (٥/ ٤١٤). (٧) "بدائع الصنائع" (٥/ ٤١٤)، "فتح القدير" (٤/ ٣٦٥ - ٣٦٦).