شهداء على غيرهم من الأمم، ولم يجعلهم شهداء على أنفسهم، فيجوز الرجوع عن القول إذا اعتقد الصواب في غيره (١).
٢ - عن السائب بن يزيد (٢) -رضي اللَّه عنه- قال: كنا نُؤتى بالشارب على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإمرة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا، ونعالنا، وأرديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين (٣).
• وجلد عليٌّ في خلافة عثمان أربعين فقال: جلد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكُلٌّ سُنّة، وهذا أحب إليّ (٤).
٣ - ما ورد عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه قال: اتفق رأيي ورأي عمر على ألا تباع أمهات الأولاد، والآن قد رأيت بيعهن (٥).
• وجه الدلالة من الأثرين: أن عليًّا قد أظهر الخلاف بعد الوفاق؛ فقد خالف في حد الخمر، وفي بيع أمهات الأولاد، ولو كان الخلاف غير جائز لكونه مسبوقًا بالإجماع، لما خالف علي -رضي اللَّه عنه- (٦).
القول الثالث: أن انقراض العصر شرط في الإجماع السكوتي دون غيره (٧)، وهو اختيار الآمدي (٨).
• دليل هذا القول: أن الساكت عن موافقة المجتهد في قوله قد يكون عن عدم
(١) "العدة" (٤/ ١٠٩٨)، و"التمهيد" (٣/ ٣٤٦). (٢) هو السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الأزدي، له ولأبيه صحبة، حج أبوه مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وله ست سنين، مرض فمسح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-على رأسه فما شاب رأسه حتى مات، استعمله عمر على سوق المدينة، آخر من مات من الصحابة بالمدينة سنة (٨٢) وقيل: سنة (٩٠ هـ). انظر في ترجمته: "أسد الغابة" (٢/ ٤٠١)، و"الإصابة" (٣/ ٢٢). (٣) أخرجه البخاري (٦٧٧٩) (٨/ ١٨)، ومسلم (١٧٠٦) "شرح النووي" (١١/ ١٧٨). (٤) أخرجه مسلم (١٧٠٧) "شرح النووي" (١١/ ١٧٨). (٥) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١٣٢٢٤) (٧/ ٢٩١)، وابن أبي شيبة (٥/ ١٨٤). قال ابن حجر: وهذا إسناد معدود في أصح الأسانيد. انظر: "التلخيص الحبير" (٤/ ٢١٩). (٦) "الإحكام" للآمدي (١/ ٣١٩)، و"العدة" (٤/ ١٠٩٥). (٧) "شرح تنقيح الفصول" (ص ٣٣٢)، و"الإحكام" للآمدي (١/ ٣١٧)، و"شرح الكوكب المنير" (٢/ ٢٤٦). (٨) "الإحكام" (١/ ٣١٧).