القلوب، كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه، وإلى هذا التأويل كان يذهب من شيوخنا ممن باحثناه عن معنى الحديث: الأستاذ أبو الحسين والشيخ أبو بحر. وقيل: معنى تعرض على القلوب أي: تظهر لها وتعرف ما تقبل منها ويوافقها، وما تأباه، ومنه عرضت الخيل، وعرض السجان أهل السجن أي: أظهرهم واختبر حالهم كما قال تعالى: ﴿وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠)﴾ [الكهف: ١٠٠] أي: أظهرناها وأن المراد بالحصير هنا: الحصير المعلوم عند عملها ونسجها، وعرض المنقية على الناسجة للحصير: ما ينسج ذلك منه واحدًا بعد واحد، كما قال: عودًا عودًا، وإليه كان يذهب من شيوخنا الأستاذ أبو عبد الله بن سليمان، وقد بسطناه بأوسع من هذا في حرف الحاء. وقال الهروي: معنى تعرض أي: تحيط بالقلوب، وما ذهب إليه أبو عبد الله أظهر وأولى.
وقوله:(عرضت عليه حفصة)(١)(وعرضت يوم الخندق)(٢) كله بمعنى ما تقدم أي: أظهرت له أمرها، وكلمته في زواجها، وأظهرت له ذلك، واختبر أيضًا حال الآخَر يوم الخندق يقال: منه عرض الأمير الجيش، ومثله: كأنه يعرض على عمر، ومثله: عرضت علي الجنة والنار، ومثله: يعرض سلعته للبيع بغير "ألف" كله بكسر الراء في المستقبل، وفتحها في الماضي، ولا يقال من هذا الباب: أعرض رباعي إلا قولهم: أعرضت الرمح. ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأحزاب: ٧٢] ومثله: فلم يزل يعرضها عليه في وفاة أبي طالب كله: بكسر الراء.
وقوله:(ولو بعود تَعرُضه عليه)(٣) بضم الراء وفتح التاء، كذا رويناه، وكذا قاله الأصمعي، ورواه أبو عبيد في الشرح: بفتح التاء وكسر الراء، وذكر قول الأصمعي: أنه بالضم وهو الصحيح. قيل: معناه يضعه عليه بالعرض كأنه جعله بعرضه ومده هناك، إذ لم يجد ما يغمره ويعم تغطيته به.
(١) البخاري (٤٠٠٥). (٢) ابن ماجة (٢٥٤٣). (٣) البخاري (٥٦٢٤).