تملوا) (١) قيل: معنى "حتى" هنا على بابها من الغاية، وإليه كان يذهب شيخنا أبو الحسين وأبوه أبو مروان، وحكى لنا ذلك عنه أي: لا يمل هو، ولا يليق به الملل، إن مللتم أنتم. وقوله:"يمل" هو من مجانسة الكلام ومقابلته أي: لا يترك ثوابكم حتى تملوا، وتتركوا بمللكم عبادته، فسمى تركه لثوابهم مللًا مجازًا مقابلة مللهم الحقيقي. وقيل: خرج الكلام مخرج قولهم: حتى يشيب الغراب، ليس على ذكر الغاية لكن على نفي القصة أي: إن الله لا يمل جملة، والملل إنما هو من صفات المخلوقين وترك الشيء استثقالًا له وكراهة له بعد حرص ومحبة فيه، وهذه التغيرات غير لائقة بربِّ الأرباب.
قوله:(كأنما تسفهم المل)(٢) أي: تسفيهم الرماد الحار. وقيل: هو الجمر. وقيل: التراب المحمي، وسنذكر الخلاف فيه في السين، إن شاء الله.
وقوله:(فأملت علي آي السور)(٣) يقال: أمللت الكتاب وأمليته لغة إذا لقنته من يكتبه.
وقول عمر "يا مال" ترخيم "مالك" يقال: بضم اللام وكسرها.
[فصل الاختلاف والوهم]
في باب هجرة النبي ﷺ أزواجه:(فأتيت المسجد فإذا هو ملآن من الناس)(٤) كذا للأصيلي، ولغيره "ملأ" والأول أصوب، وقد يخرج للثاني وجه أي: إذا وهو ساحة ملأى.
وقوله:(إن الله يملي للظالم)(٥) أي: يؤخره ويطيل مدته، مأخوذ من الملاوة وهى الزمان.
وقوله:(هل كان في آبائه مَن مَلك)(٦) بفتح الميمين وفتح اللام والكاف، ويروى مِن مِلك: بكسر ميم من وكسر اللام، وكلاهما يرجع إلى معنى.