السلام في قصة حاطب (كذبت) وقول أسماء لعمر: كذبت، كله معناه الخطأ.
وقوله: عن إبراهيم (ويذكر كَذَباته)(١) بفتح الكاف والذال (وثلاث كذبات) كذلك جمع كذبة: بفتح الكاف الواحدة من الكذب، وأكاذيب جمع أكذوبة، وإنما سمى هذه كذبات لكونها في الظاهر على خلاف مخبرها، وإبراهيم ﵇ إنما عرض بها عن صدق فقال: أنت أختي يريد في الإسلام، و ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٣] على طريق التبكيت بدليل قوله: ﴿إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٦] ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] أي: سأسقم، ومن عاش يسقم ولا بد يهرم ويموت.
قوله:(إن شددت كذَّبتم)(٢) بتشديد الذال: أي: إن حملت لم تحملوا معي على العدو، ونكصتم عنه وحدتم وقال بتخفيف الذال أيضًا. قال الهروي: وأصل الكذب الانصراف عن الحق، ومعناه هنا: انصرفتم عني ولم تحملوا معي. وقيل: معناه أمكنتم من أنفسكم وأصل الكذب عنده الإمكان أي: أمكن الكاذب من نفسه.
[فصل الاختلاف والوهم]
قوله:(كذاك مناشدتك ربك)(٣) كذا لهم، وعند العذري:"كفاك" بالفاء وهما بمعنى. قال ابن قتيبة: معناه: حسبك، وكذا جاء في البخاري: حسبك ويشتبه به قولهم إليك أي: تنح عني، وأنشد:
فقلن وقد تلاحقت المطايا … كذاك القول إن عليك عينًا
معناه: كف القول. وقال غيره الصواب كذاك أي: كف قال: ويكون كذا بمعنى دون في غير هذا قال القاضي ﵀: ويصح هنا أيضًا أي: دون هذا الإلحاح في الدعاء والمناشدة وأقل منه يكفيك وانتصب، مناشدتك بالمفعول، بمعنى فيه من الكف والترك.
(١) البخاري (٣٣٦١). (٢) البخاري (٣٩٧٥). (٣) مسلم (١٧٦٣).