وقوله:(إنما كنت خليلًا من وراء وراء)(١) أي: من غير تقريب ولا إدلال بخواصها.
وقوله: في الإمام: و (يقاتل من ورائه)(٢) قيل: معناه من أمامه، وهو عند بعضهم من الأضداد، قالوا: ومنه قوله تعالى ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: ٧٩] وإنما كان أمامهم، وكذلك قيل في قوله ﴿وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [إبراهيم: ١٧]. والأظهر عندي في هذا الحديث أنه على وجهه، لأنَّهُ قال:(الإمام جنة) فجعله للمسلمين كالترس الذي يقيهم المكاره ويحتمى به ويقاتل من ورائه. وفي ظله وسلطانه، كما يقاتل من وراء الترس الذي شبهه في الحماية به.
والتورية: ذكر أنها وَوْراه أبدلت الواو ياء من وريت الزند، إذا استخرجت منه النار.
وقوله:(فما توارت يدك من شعرة)(٣) معناه وارت وسترت.
وقوله: في الذي لم يقرأ أم القرآن في صلاته (فلم يصلها إلا وراء الإمام)(٤) أي: إنها لا تجزئه إلا أن يكون مأمومًا فيها، فكأنه لهم يصلها إذا لم تجزئه.
وقوله:(لأَنْ يَمْتَلئ جَوْفَ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يريه)(٥) قال أبو عبيد: هو من الورْي. بسكون الراء، وهو أن يروي جوفه. قال الخَلِيْلُ: هو قيح يأكل جوف الإنسان.
وقوله:(إني لا أراكم من وراء ظهري)(٦) أي: من خلفي، اختلف في معناه، وأكثرهم أنه على وجهه، وأن الله تعالى يقوّي بصره وإدراكه حتَّى يرى ذلك، كما جاء في الحديث الآخَر:(إني أبصر من ورائي كما أبصر من خلفي، ومن بين يدي)(٧) وأنه على ظاهره. وقيل معناه التفاته يسيرًا لذلك. وقيل:
(١) مسلم (١٩٥). (٢) البخاري (٢٩٥٧). (٣) مسلم (٢٣٧٢). (٤) الموطأ (١٨٨). (٥) مسلم (٢٢٥٨). (٦) البخاري (٤١٨). (٧) مسلم (٤٢٣).