وقوله:(اقتصروا عن قواعد إبراهيم)(١) أي: من قواعده ونقصوا منها فهي هنا بمعنى من.
وقد تأتي "عن" اسمًا يدخل عليها حرف الخفض، قالوا: ومنه يقال: أخذت الثوب من عنه. قال القاضي ﵀: قد يقال: إن "من" هنا زائدة ولأنها تدخل على جميع الصفات عندهم إلا على الباء واللام، و "في" لقلتها، فلم تتوهم العرب فيها الأسماء توهمها في غيرها من الصفات، وقد جاءت "عن" بمعنى "على" كما قال:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني
أي: علي، وجاء مثله كثيرًا في الأحاديث كقوله في حديث السقيفة:(وخالف عنا علي والزبير) أي: علينا، وقد فسرناه في الخاء.
وقوله: في خبر أبي سفيان (لكذبت عنه) أي: عليه، كما جاء في الرواية الأخرى. وقوله:(كتمت عنكم حديثًا)(٢) أي: عليكم كما جاء في الرواية الأخرى.
وفي الجنائز:(لمّا سقط عنهم الحائط)(٣) كذا للكافة، وعند القابسي وعبدوس:"عليهم" وهما بمعنى، وقد تكون عنهم أي: عن القبور المشار إليها في الحديث، وعليهم على بابها.
وقوله: اقتصروا عن قواعد إبراهيم، وعند أبي أحمد: على قواعد إبراهيم.
وقوله:(أعلقت عنه من العذرة)(٤) أي: عليه وكذا جاء في الرواية الأخرى، ومثله قوله:(ولا تضنن عني) أي: علي، كما جاء في الرواية الأخرى، يقال: بخلت عنه وعليه. قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [محمد: ٣٨] وقد ذكرنا هذا كله، وبيناه في حرف العين واللام.