قَالَ:«إِنَّهُ لَا يَنْبغي أَنْ يَكُونَ لنَبِيٍ خَائِنَة الأَعْيُن»[١] . وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاق: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر، قال: قدِم مِقْيس بْن صُبابة عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وقد أظهر الإِسلامَ، يطلُب بِدَمِ أخيه هِشام. [وكان قتله رجلٌ من المسلمين يَوْم بني المُصْطَلِق ولا يحسبه إلّا مُشْرِكًا][٢] . فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّما قُتِل أخوك خطأ. وأمرَ لَهُ بديَته، فأخذها، فمَكَث مَعَ المسلمين شيئًا، ثمّ عَدَا عَلَى قاتل أخيه فقتله، ولحِق بمكة كافرًا. فأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عامَ الفتح- بقَتْله، فقتله رجلٌ من قومه يقال لَهُ نُمَيْلَة بْن عَبْد اللَّه، بين الصَّفَا والمَرْوَة [٣] . وحدّثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر، وأبو عُبَيْدة بْن مُحَمَّد بْن عمّار: أَنّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّما أمر بقتل ابن أَبِي سَرْح لأنه كَانَ قد أسلم، وكتب لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيَ. فرجع مُشْرِكًا ولَحِق بمكة [٤] .
قَالَ ابن إِسْحَاق: وإنّما أمر بقتل عَبْد اللَّه بْن خَطَلَ، أحد بني تَيْم بْن غَالب، لأنه كَانَ مسلمًا، فبعثه، رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم مصدّقا [٥] ، وبعث معه رجلا من
[١] قال ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث ٢/ ٦) : أي يفسّر في نفسه غير ما يظهر، فإذا كفّ لسانه وأومأ بعينه فقد خان، وإذا كان ظهور تلك الحالة من قبل العين سمّيت خائنة الأعين. وانظر: المغازي للواقدي ٢/ ٨٥٦، وسيرة ابن هشام ٤/ ٩٢، وعيون الأثر لابن سيّد الناس ٢/ ١٧٥، وشفاء الغرام ٢/ ١٨٧. [٢] ما بين الحاصرتين من نسخة (ح) . [٣] انظر سيرة ابن هشام ٤/ ٩٣، وعيون الأثر ٢/ ١٧٦، والمغازي للواقدي ٢/ ٨٦٠، ٨٦١، شفاء الغرام ٢/ ٢٢٨. [٤] انظر: السيرة لابن هشام ٤/ ٩٢، والمغازي للواقدي ٢/ ٨٥٥، وعيون الأثر ٢/ ١٧٥، وشفاء الغرام ٢/ ٢٢٥. [٥] مصدّقا: أي جابيا للصدقات.